فاستمروا على ذلك عدة أيام وداخل الناس من ذلك وهم وخوف شديد وظنوا ظنونا وحصل عندهم فساد مخيلة ووسوسة تجسمت في نفوسهم بألفاظ نطقوا بها وتصوروا حقيقتها وتناقلوها فيما بينهم كقولهم ان عساكر الفرنسيس عازمون على قتل المسلمين وهم في صلاة الجمعة ومنهم من يقول غير ذلك وذلك بعد ان كان حصل عندهم بعض اطمئنان وفتحوا بعض الدكاكين فلما حصلت هاتان النكتتان انكمش الناس ثانيا وارتجفت قلوبهم وفي عشرينه حضرت مكاتب الحجاج من العقبة فذهب أرباب الديوان إلى باش العسكر واعلموه بذلك وطلبوا منه أمانا لأمير الحاج فامتنع وقال لا أعطيه ذلك ألا بشرط أن يأتي في قلة ولا يدخل معه مماليك كثيرة ولا عسكر فقالوا له ومن يوصل الحجاج فقال لهم انا ارسل لهم أربعة آلاف من العسكر يوصولونهم إلى مصر فكتبوا لأمير الحاج مكاتبة بالملاطفة وانه يحضر بالحجاج إلى الدار الحمراء وبعد ذلك يحصل الخير فلم تصل إليهم الجوابات حتى كاتبهم إبراهيم بك يطلبهم للحضور إلى جهة بلبيس فتوجهوا على بلبيس وأقاموا هناك أياما وكان إبراهيم بك ومن معه ارتحل من بلبيس إلى المنصورة وأرسلوا الحريم إلى القرين وفي ثالث عشرينه خرجت طائفة من العسكر الفرنساوي إلى جهة العادلية وصار في كل يوم تذهب طائفة بعد أخرى ويذهبون إلى جهة الشرق فلما كان ليل الأربعاء خرج كبيرهم بونابارته وكانت أوائلهم وصلت إلى الخانكة وأبى زعبل وطلبوا كلفة من أبي زعبل فامتنعوا فقاتلوهم وضربوهم وكسروهم ونهبوا البلدة وأحرقوها وارتحلوا إلى بلبيس وأما الحجاج فإنهم نزلوا ببلبيس واكترت حجاج الفلاحين مع العرب فأوصلوهم إلى بلادهم بالغربية والمنوفية والقليبونجية وغيرها وكذلك فعل الكثير من الحجاج فتفرقوا في البلاد بحريمهم ومنهم من أقام ببلبيس واما أمير
(١٩٨)