تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٤٤
ابن عم مريم لحا وكان ليوسف من البنين خمسة بنين وبنت وهم يعقوب وپوشا وبيلوت وشمعون ويهوذا وأختهم مريم وكانوا يسكنون بيت لحم فارتحل بأهله ونزل ناصرة وسكن بها وتعلم النجارة حتى صار يلقب بالنجار وتزوج يؤاقيم حنة أخت ايشاع العاقر امرأة زكريا بن يوحنا المعمدان وأقامت ثلاثين سنة لا يولد لها فدعوا الله وولد لها مريم فهي بنت يؤاقيم موثان وهو مثان وولدت ايشاع العاقر من زكريا ابنه يحيى قلت في التنزيل مريم ابنة عمران فليعلم ان معنى عمران بالعبرانية يؤاقيم وكان له اسمان اه‍ وعن الطبري وكانت حنة أم مريم لا تحبل فنذرت لله ان حملت لتجعلن ولدها حبيسا ببيت المقدس على خدمته على عاداتهم في نذر مثله فلما حملت ووضعتها لفتها في خرقتها وجاءت بها إلى المسجد فدفعتها إلى عباده وهي ابنة امامهم وكهنونهم فتنازعوا في كفالتها وأراد زكريا أن يستبد بها لان زوجه ايشاع خالتها ونازعوه في ذلك لمكان أبيها من امامهم فاقترعوا فخرجت قرعة زكريا عليها فكفلها ووضعها في مكان شريف من المسجد لا يدخله سواها وهو المحراب فيما قيل والظاهر أنها دفعتها إليهم بعد مدة ارضاعها فأقامت في المسجد تعبد الله وتقوم بسدانة البيت في نوبتها حتى كان يضرب بها المثل في عبادتها وظهرت عليها الأحوال الشريفة والكرامات كما قصه القرآن وكانت خالتها ايشاع زوج زكريا أيضا عاقرا وطلب زكريا من الله ولدا فبشره بيحيى نبيا كما طلب لأنه قال يرثني ويرث من آل يعقوب وهم أنبياء فكان كذلك وكان حاله في نشوه وصباه عجبا وولد في دولة هيردوس ملك بنى إسرائيل وكان يسكن القفار ويقتات الجراد ويلبس الصوف من وبر الإبل وولاه اليهود الكهنونية ببيت المقدس ثم أكرمه الله بالنبوة كما قصه القرآن وكان لعهده على اليهود بالقدس انطيفس بن هيردوس وكان يسمى هيردوس باسم أبيه وكان شريرا فاسقا واغتصب امرأة أخيه وتزوجها ولها ولدان منه ولم يكن ذلك في شرعهم مباحا فنكر ذلك عليه العلماء والكهنونية وفيهم يحيى بن زكريا المعروف بيوحنان ويعرفه النصارى بالمعمدان فقتل جميع من نكر عليه ذلك وقتل فيهم يحيى صلوات الله عليه وقد ذكر في قتله أسباب كثيرة وهذا أقربها إلى الصحة وقد اختلف الناس هل كان أبوه حيا عند قتله فقيل انه لما قتل يحيى طلبه بنو إسرائيل ليقتلوه ففر أمامهم ودخل في بطن شجرة كرامة له فدلهم عليه طرف ردائه خارجا منها فشقوها بالمنشار وشق زكريا فيها نصفين وقيل بل مات زكريا قبل هذا والمشقوق في الشجرة انما هو شعيا النبي وقد مر ذكره وكذلك اختلف في دفنه فقيل دفن ببيت المقدس وهو الصحيح وقال أبو عبيد بسنده إلى سعيد بن المسيب ان بختنصر لما قدم دمشق وجد دم يحيى بن زكريا يغلى فقتل على
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»