تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٦
سنة الغفلة والنوم * وسمت التصنيف من نفسي وأنا المفلس أحسن السوم * فأنشأت في التاريخ كتابا * رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجابا * وفصلته في الاخبار والاعتبار بابا بابا * وأبديت فيه لأولية الدول والعمران عللا وأسبابا * وبنيته على أخبار الأمم الذين عمروا المغرب في هذه الاعصار * وملأوا أكناف الضواحي منه والأمصار * وما كان لهم من الدول الطوال أو القصار * ومن سلف لهم من الملوك والأنصار * وهما العرب والبربر * إذ هما الجيلان اللذان عرف بالمغرب مأواهما وطال فيه على الأحقاب مثواهما * حتى لا يكاد يتصور فيه ما عداهما * ولا يعرف أهله من أجيال الآدميين سواهما * فهذبت مناحيه تهذيبا * وقربته لافهام العلماء والخاصة تقريبا * وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكا غريبا * واخترعته من بين المناحي مذهبا عجيبا * وطريقة مبتدعة وأسلوبا * وشرحت فيه من أحوال العمران والتمدن وما يعرض في الاجتماع الانساني من العوارض الذاتية ما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها * ويعرفك كيف دخل أهل الدول من أبوابها * حتى تنزع من التقليد يدك * وتقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال وما بعدك ورتبته على مقدمة وثلثة كتب المقدمة في فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه والالماع بمغالط المؤرخين الكتاب الأول في العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك والسلطان والكسب والمعاش والصنائع والعلوم وما لذلك من العلل والأسباب الكتاب الثاني في أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدأ الخليقة إلى هذا العهد وفيه من الالماع ببعض من عاصرهم من الأمم المشاهير ودولهم مثل النبط والسريانيين والفرس وبني إسرائيل والقبط واليونان والروم والترك والإفرنجة الكتاب الثالث في أخبار البربر ومواليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم وما كان بديار المغرب خاصة من الملك والدول ثم كانت الرحلة إلى المشرق لاجتناء أنواره * وقضاء الفرض والسنة في مطافه ومزاره * والوقوف على آثاره في دواوينه وأسفاره * فزدت ما نقص من أخبار ملوك العجم بتلك الديار * ودول الترك فيما ملكوه من الأقطار * وأتبعت بها ما كتبته في تلك الأسطار * وأدرجتها في ذكر المعاصرين لتلك الأجيال من أمم النواحي * وملوك الأمصار والضواحي * سالكا سبيل
(٦)
مفاتيح البحث: الغفلة (1)، الوقوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»