روايات القرء في قراءته وهذا هو علم القراءات ثم باسناد السنة إلى صاحبها والكلام في الرواة الناقلين لها ومعرفة أحوالهم وعدالتهم ليقع الوثوق باخبارهم بعلم ما يجب العمل بمقتضاه من ذلك وهذه هي علوم الحديث ثم لا بد في استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه قانوني يفيد العلم بكيفية هذا الاستنباط وهذا هو أصول الفقه وبعد هذا تحصل الثمرة بمعرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين وهذا هو الفقه ثم إن التكاليف منها بدني ومنها قلبي وهو المختص بالايمان وما يجب أن يعتقد مما لا يعتقد وهذه هي العقائد الايمانية في الذات والصفات وأمور الحشر والنعيم والعذاب والقدر والحجاج عن هذه بالأدلة العقلية هو علم الكلام ثم النظر في القرآن والحديث لا بد أن تتقدمه العلوم اللسانية لأنه متوقف عليها وهي أصناف فمنها علم اللغة وعلم النحو وعلم البيان وعلم الآداب حسبما نتكلم عليها كلها وهذه العلوم النقلية كلها مختصة بالملة الاسلامية وأهلها وإن كانت كل ملة على الجملة لا بد فيها من مثل ذلك فهي مشاركة لها في الجنس البعيد من حيث إنها العلوم الشرعية المنزلة من عند الله تعالى على صاحب الشريعة المبلغ لها وأما على الخصوص فمباينة لجميع الملل لأنها ناسخة لها وكل ما قبلها من علوم الملل فمهجورة والنظر فيها محظور فقد نهى الشرع عن النظر في الكتب المنزلة غير القرآن قال صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل علينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في يد عمر رضي الله عنه ورقة من التوراة فغضب حتى تبين الغضب في وجهه ثم قال ألم آتكم بها بيضاء نقية والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي ثم إن هذه العلوم الشرعية النقلية قد نفقت أسواقها في هذه الملة بما لا مزيد عليه وانتهت فيها مدارك الناظرين إلى الغاية التي لا شئ فوقها وهذبت الاصطلاحات ورتبت الفنون فجاءت من وراء الغاية في الحسن والتنميق وكان لكل فن رجال يرجع إليهم فيه وأوضاع يستفاد منها التعليم واختص المشرق من ذلك والمغرب بما هو مشهور منها حسبما نذكره الآن عند تعديد هذه الفنون وقد كسدت لهذا العهد أسواق العلم بالمغرب لتناقص العمران فيه وانقطاع سند العلم والتعليم كما قدمناه في الفصل قبله وما أدري ما فعل الله
(٤٣٦)