من بينها كتاب التيسير له ثم ظهر بعد ذلك فيما يليه من العصور والأجيال أبو القاسم ابن فيره من أهل شاطبة فعمد إلى تهذيب ما دونه أبو عمرو وتلخيصه فنظم ذلك كله في قصيدة لغز فيها أسماء القراء بحروف أب ج د ترتيبا أحكمه ليتيسر عليه ما قصده من الاختصار وليكون أسهل للحفظ لاجل نظمها فاستوعب فيها الفن استيعابا حسنا وعني الناس بحفظها وتلقينها للولدان المتعلمين وجرى العمل على ذلك في أمصار المغرب والأندلس وربما أضيف إلى فن القراءات فن الرسم أيضا وهي أوضاع حروف القرآن في المصحف ورسومه الخطية لان فيه حروفا كثيرة وقع رسمها على غير المعروف من قيال الخط كزيادة الياء في بابيد وزيادة الألف في لا أذبحنه ولا أوضعوا والواو في جزاء والظالمين وحذف الألفات في مواضع دون أخرى وما رسم فيه من التاءات ممدودا والأصل فيه مربوط على شكل الهاء وغير ذلك وقد مر تعليل هذا الرسم المصحفي عند الكلام في الخط فلما جاءت هذه المخالفة لأوضاع الخط وقانونه احتيج إلى حصرها فكتب الناس فيها أيضا عند كتبهم في العلوم وانتهت بالمغرب إلى أبي عمر الداني المذكور فكتب فيها كتبا من أشهرها كتاب المقنع وأخذ به الناس وعولوا عليه ونظمه أبو القاسم الشاطبي في قصيدته المشهورة على روي الراء وولع الناس بحفظها ثم كثر الخلاف في الرسم في كلمات وحروف أخرى ذكرها أو داود سليمان بن نجاح من موالي مجاهد في كتبه وهو من تلاميذ أبي عمرو الداني والمشتهر بحمل علومه ورواية كتبه ثم نقل بعده خلاف آخر فنظم الخراز من المتأخرين بالمغرب أرجوزة أخرى زاد فيها على المقنع خلافا كثيرا وعزاه لناقليه واشتهرت بالمغرب واقتصر الناس على حفظها وهجروا بها كتب أبي داود وأبي عمرو والشاطبي في الرسم (واما التفسير). فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع ومنها ما هو في العقائد الايمانية ومنها ما هو في أحكام الجوارح ومنها ما يتقدم ومنها ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ
(٤٣٨)