الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى غروب الشمس وقال بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى وقدر ما بين صلاة العصر وغروب الشمس حين صيرورة ظل كل شئ مثليه يكون على التقريب نصف سبع وكذلك وصل الوسطى على السبابة فتكون هذه المدة نصف سبع الجمعة كلها وهو خمسمائة سنة ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لن يعجز الله أن يؤخر هذه الأمة نصف يوم فدل ذلك على أن مدة الدنيا قبل الملة خمسة آلاف وخمسمائة سنة وعن وهب بن منبه أنها خمسة آلاف وستمائة سنة أعني الماضي وعن كعب أن مدة الدنيا كلها ستة آلاف سنة قال السهيلي وليس في الحديثين ما يشهد لشئ مما ذكره مع وقوع الوجود بخلافه فاما قوله لن يعجز الله ان يؤخر هذه الأمة نصف يوم فلا يقتضي نفي الزيادة على النصف وأما قوله بعثت أنا والساعة كهاتين فإنما فيه الإشارة إلى القرب وأنه ليس بينه وبين الساعة نبي غيره ولا شرع غير شرعه ثم رجع السهيلي إلى تعيين أمد الملة من مدرك آخر لو ساعده التحقيق وهو أنه جمع الحروف المقطعة في أوائل السور بعد حذف المكرر قال وهي أربعة عشر حرفا يجمعها قولك (الم يسطع نص حق كره) فاخذ عددها بحساب الجمل فكان سبعمائة وثلاثة (1) أضافه إلى المنقضي من الألف الآخر قبل بعثته فهذه هي مدة الملة قال ولا يبعد ذلك أن يكون من مقتضيات هذه الحروف وفوائدها قلت وكونه لا يبعد لا يقتضي ظهوره ولا التعويل عليه والذي حمل السهيلي على ذلك إنما هو ما وقع في كتاب السير لابن إسحاق في حديث ابني أخطب من أحبار اليهود وهما أبو ياسر وأخوه حي حين سمعا من الأحرف المقطعة ألم وتأولاها على بيان المدة بهذا الحساب فبلغت إحدى وسبعين فاستقلا المدة وجاء حي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله هل مع هذا غيره فقال المص ثم استزاد الرثم ثم استزاد المر فكانت إحدى وسبعين ومائتين فاستطال المدة وقال قد لبس علينا أمرك يا محمد حتى لا ندري أقليلا أعطيت أم كثير ثم ذهبوا عنه وقال لهم أبو ياسر ما يدريكم لعله أعطى عددها كلها تسعمائة وأربع سنين قال ابن إسحاق فنزل قوله تعالى منه
(٣٣٢)