وجل رضى ولدينه نظاما ولأهله عزا وتمكينا وللملة والذمة عدلا وصلاحا وأنا أسأل الله أن يحسن عونك وتوفيقك ورشدك وكلاءتك والسلام. وحدث الأخباريون أن هذا الكتاب لما ظهر وشاع أمره أعجب به الناس واتصل بالمأمون فلما قرئ عليه قال ما أبقى أبو الطيب يعني طاهرا شيئا من أمور الدنيا والدين والتدبير والرأي والسياسة وصلاح الملك والرعية وحفظ السلطان وطاعة الخلفاء وتقويم الخلافة إلا وقد أحكمه وأوصى به ثم أمر المأمون فكتب به إلى جميع العمال في النواحي ليقتدوا به ويعملوا بما فيه هذا أحسن ما وقفت عليه في هذه السياسة والله أعلم الفصل الثاني والخمسون في امر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شانه وكشف الغطاء عن ذلك إعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الاعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الاسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته ويحتجون في الشأن بأحاديث خرجها الأئمة وتكلم فيها المنكرون لذلك وربما عارضوها ببعض الاخبار وللمتصوفة المتأخرين في أمر هذا الفاطمي طريقة أخرى ونوع من الاستدلال وربما يعتمدون في ذلك على الكشف الذي هو أصل طرائقهم. ونحن الآن نذكر هنا الأحاديث الواردة في هذا الشأن وما للمنكرين فيها من المطاعن ومالهم في إنكارهم من المستند ثم نتبعه بذكر كلام المتصوفة ورأيهم ليتبين لك الصحيح من ذلك إن شاء الله تعالى فنقول إن جماعة من الأئمة خرجوا أحاديث المهدي منهم الترمذي وأبو داود والبزاز ابن ماجة والحاكم والطبراني وأبو يعلى الموصلي وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل علي وابن عباس وابن عمر وطلحة وابن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة ابن إياس وعلي الهلالي وعبد الله بن الحارث بن جزء بأسانيد ربما يعرض لها
(٣١١)