تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ١٩٩
تغيب لا يرى فيهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء وقال مثله غلاة الامامية وخصوصا الاثنا عشرية منهم يزعمون أن الثاني عشر من أئمتهم وهو محمد بن الحسن العسكري ويلقبونه المهدي دخل في سرداب بدارهم في الحلة وتغيب حين اعتقل مع أمه وغاب هنالك وهو يخرج آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا يشيرون بذلك إلى الحديث الواقع في كتاب الترمذي في المهدي وهم إلى الآن ينتظرونه ويسمونه المنتظر لذلك ويقفون في كل ليلة بعد صلاة المغرب بباب هذا السرداب وقد قدموا مركبا فيهتفون باسمه ويدعونه للخروج حتى تشتبك النجوم ثم ينفضون ويرجئون الامر إلى الليلة الآتية وهم علي ذلك لهذا العهد وبعض هؤلاء الواقفية يقول إن الامام الذي مات يرجع إلى حياته الدنيا ويستشهدون لذلك بما وقع في القرآن الكريم من قصة أهل الكهف والذي مر على قرية وقتيل بني إسرائيل حين ضرب بعظام البقرة التي أمروا بذبحها ومثل ذلك من الخوارق التي وقعت على طريق المعجزة ولا يصح الاستشهاد بها في غير مواضعها وكان من هؤلاء السيد الحميري ومن شعره في ذلك إذا ما المرء شاب له قذال * وعلله المواشط بالخضاب فقد ذهبت بشاشته وأودى * فقم يا صاح نبك على الشباب إلى يوم تثوب الناس فيه * إلى دنياهم قبل الحساب فليس بعائد ما فات منه * إلى أحد إلى يوم الإياب أدين بأن ذلك دين حق * وما أنا في النشور بذي ارتياب كذاك الله أخبر عن أناس * حيوا من بعد درس في التراب وقد كفانا مؤونة هؤلاء الغلاة أئمة الشيعة فإنهم لا يقولون بها ويبطلون احتجاجاتهم.
عليها وأما الكيسانية فساقوا الإمامة من بعد محمد بن الحنفية إلى ابنه أبي هاشم وهؤلاء هم الهاشمية ثم افترقوا فمنهم من ساقها بعده إلى أخيه علي ثم إلى ابنه الحسن ابن علي وآخرون يزعمون أن أبا هاشم لما مات بأرض السراة منصرفا من الشام أوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وأوصى محمد إلى ابنه إبراهيم المعروف بالامام وأوصى إبراهيم إلى أخيه عبد الله بن الحارثية الملقب بالسفاح وأوصى هو
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»