تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ١٩٨
زاهدا جوادا شجاعا ويخرج داعيا إلى إمامته وهؤلاء هم الزيدية نسبة إلى صاحب المذهب وهو زيد بن علي بن الحسين السبط وقد كان يناظر أخاه محمدا الباقر على اشتراط الخروج في الامام فيلزمه الباقر أن لا يكون أبوهما زين العابدين إماما لأنه لم يخرج ولا تعرض للخروج وكان مع ذلك ينعى عليه مذاهب المعتزلة وأخذه إياها عن واصل بن عطاء ولما ناظر الامامية زيدا في إمامة الشيخين ورأوه يقول بإمامتهما ولا يتبرأ منهما رفضوه ولم يجعلوه من الأئمة وبذلك سموا رافضة ومنهم من ساقها بعد علي وابنيه السبطين على اختلافهم في ذلك إلى أخيهما محمد بن الحنفية ثم إلى ولده وهم الكيسانية نسبة إلى كيسان مولاه وبين هذه الطوائف اختلافات كثيرة تركناها اختصارا ومنهم طوائف يسمون الغلاة تجاوزوا حد العقل والايمان في القول بألوهية هؤلاء الأئمة إما على أنهم بشر اتصفوا بصفات الألوهية أو أن الاله حل في ذاته البشرية وهو قول بالحلول يوافق مذهب النصارى في عيسى صلوات الله عليه ولقد حرق علي رضي الله عنه بالنار من ذهب فيه إلى ذلك منهم وسخط محمد بن الحنفية المختار بن أبي عبيد لما بلغه مثل ذلك عنه فصرح بلعنته والبراءة منه وكذلك فعل جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه بمن بلغه مثل هذا عنه ومنهم من يقول إن كمال الامام لا يكون لغيره فإذا مات انتقلت روحه إلى إمام آخر ليكون فيه ذلك الكمال وهو قول بالتناسخ ومن هؤلاء الغلاة من يقف عند واحد من الأئمة لا يتجاوزه إلى غيره بحسب من يعين لذلك عندهم وهؤلاء هم الواقفية فبعضهم يقول هو حي لم يمت إلا أنه غائب عن أعين الناس ويستشهدون لذلك بقصة الخضر قيل مثل ذلك في علي رضي الله عنه وإنه في السحاب والرعد صوته والبرق في صوته وقالوا مثله في محمد بن الحنفية وإنه في جبل رضوى من أرض الحجاز وقال شاعرهم ألا إن الأئمة من قريش * ولاه الحق أربعة سواء علي والثلاثة من بنيه * هم الأسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الجيش يقدمه اللواء
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»