فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٤٠١
* يا موقدا نارا رويدا هذه * نار الصبابة شأنكم فلتقبسوا * وقال - أيضا -:
* ناحت مطوقة فحن حزين * وشجاه ترجيع لها وحنين * * جرت الدموع من العيون تفجعا * لحنينها فكأنهن عيون * * طارحتها ثكلى بفقد وحيدها * والثكل من فقد الوحيد يكون * * بي لاعج من حب ' رملة عالج ' * حيث الخيام بها وحيث العين * * من كل فاتكة اللحاظ مريضة * أجفانها لظبا اللحاظ جفون * * ما زلت أجرع دمعتى من غلتي * أخفى الهوى عن عاذلى وأصون * * حتى إذا صاح الغراب ببينهم * فضح الفراق صبابة المحزون * * وصلوا السرى قطعوا البرى فلعيسهم * تحت المحامل رنة وأنين * * عاينت أسباب المنية عندما * أرخوا أزمتها وشد وضين * * إن الفراق مع الغرام لقاتل * صعب الغرام مع اللقاء يهون * * ما لي عذول في هواها إنها * معشوقة حسناء حيث تكون * وقال - أيضا -:
* ليت شعري هل دورا * أي قلب ملكوا * * وفؤادى لو درى * أي شعب سلكوا * * أتراهم سلموا * أم تراهم هلكوا * * حار أرباب الهوى * في الهوى وارتبكوا * ((485 - مهذب الدين بن الخيمى)) محمد بن علي بن علي الأديب الكامل مهذب الدين بن الخيمى الحلى العراقي الشاعر شيخ معمر فاضل قال ابن النجار: كتبت عنه ب ' القاهرة ' وله مصنفات كثيرة سمع وروى وتوفى سنة اثنتين وأربعين وستمائة @ 402 @ ومن شعره * أأصنام هذا الجيل طرا أكلكم * يعوق أما فيكم يغوث ولا ود * * لقد طال تردادي إليكم فلم أجد * سوى رب شان في الغنى شانه الرد * ومن شعره * جننت فعوذني بكتبك إن لي * شياطين شوق لا تفارق مضجعي * * إذا استرقت أسرار وجدي تمردا * بعثت عليها في الدجى شهب أدمعي * ومن شعره الأبيات المشهورة وهو ما كتبه لابنه لما عصر * عصروك أمثال اللصوص * ولم تفد تلك الأمانة * * فإذا سلمت فخنهم * إن السلامة في الخيانة * * وافعل كفعل بني سناء * الملك في مال الخزانة * يقال إن هذه الأبيات لما شاعت أمسك بنو سناء الملك وصودروا بسبب هذه الأبيات وقال ابن خلكان أنشدني مهذب الدين الخيمي وأخبرني أنه كان بدمشق قد رسم السلطان بحلق لحية شخص له وجاهة بين الناس فحلق نصفها وحصل فيه شفاعة فعفى عنه في الباقي فعمل فيه أبياتا ولم يصرح باسمه * زرت ابن آدم لما قيل قد حلقوا * جميع لحيته من بعد ما ضربا * * فلم أر النصف محلوقا فعدت له * مهنئا بالذي منها له وهبا * * فقام ينشدني والدمع يخنقه * بيتين ما نظما مينا ولا كذبا * * إذا أتتك لحلق الذقن طائفة * فاخلع ثيابك منها ممعنا هربا * * وإن أتوك وقالوا إنها نصف * فإن أطيب نصفيها الذي ذهبا * @ 403 @ ((486 - الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد)) محمد بن علي بن وهب بن مطيع الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو الفتح بن دقيق العيد القشيري المصري المالكي الشافعي أحد الأعلام وقاضي القضاة ولد سنة خمس وعشرين وستمائة بناحية ينبع وتوفي يوم الجمعة حادي عشر صفر سنة اثنتين وسبعمائة سمع من ابن المقير وابن رواج وابن الجميزي والسبط وسمع من ابن عبد الدايم والزين خالد وله التصانيف البديعة ك ((الإمام)) و ((الإلمام)) و ((علوم الحديث)) و ((شرح عمدة الأحكام)) و ((شرح مقدمة المطرز في أصول الفقه)) وجمع الأربعين في الرواية عن رب العالمين وشرح بعض مختصر ابن الحاجب وكان إماما متفننا محدثا مجودا فقيها مدققا أصوليا أديبا شاعرا نحويا ذكيا غواصا على المعاني مجتهدا وافر العقل كثير السكينة بخيلا بالكلام تام الورع شديد التدين مديم السهر مكبا على المطالعة والجمع قل أن ترى العيون مثله وكان سمحا جوادا وكان قد قهره الوسواس في أمر المياه والنجاسات وله في ذلك حكايات ووقائع كثيرة وكان كثير التسري والتمتع وله عدة أولاد ذكور بأسماء الصحابة العشرة تفقه بأبيه وبالشيخ عز الدين بن عبد السلام واشتهر اسمه في حياة مشايخه وكان مالكيا ثم صار شافعيا ومن شعره رحمه الله تعالى * الحمد لله كم أسعى بعزمي في * نيل العلا وقضاء الله ينكسه * * كأنني البدر أبغي الشرق والفلك * الأعلى يعارض مسعاه فيعكسه * وقال أيضا * أأحباب قلبي والذين بذكرهم * وترداده طول الزمان تعلقي * @ 404 @ * لئن عاب عن عيني بديع جمالكم * وجار على الأبدان حكم التفرق * * فما ضرنا بعد المسافة بيننا * سرائرنا تسرى إليكم فنلتقي * وقال - يمدح رسول الله * يا سائرا نحو الحجاز مشمرا * اجهد فديتك في المسير وفي السرى * * وإذا سهرت الليل في طلب العلا * فحذار من خدع الكرى * * فالقصد حيث النور يشرق ساطعا * والطرف حيث ترى الثرى متعطرا * * قف بالمنازل والمناهل من لدن * وادي قباء إلى حمى أم القرى * * وتوخ آثار النبي فضع بها * متشرفا خديك في عفر الثرى * * وإذا رأيت مهابط الوحي التي * نشرت على الآفاق نورا أنورا * * فاعلم بأنك ما رأيت شبيهها * مذ كنت في ماضي الزمان ولا ترى * * ولقد أقول إذا الكواكب أشرقت * وترفعت في منتهى شرف الذرا * * لا تفخرى زهوا فإن محمدا * أعلى علا منها وأشرف جوهرا * * نلنا به ما قد رأينا من علا * مع ما نؤمل في القيامة أن نرى * * فسعادة أزلية سبقت وما * هو ثابت أزلا فلن يتغيرا * * وسيادة بارى الأنام بها ولا * سيما إذا قدموا عليه المحشرا * * وبديع لطف شمائل من دونها * ماء الغمامة والنسيم إذا سرى * * مع سطوة لله في يوم الوغى * تعنو لشدة بأسها أسد الشرى * * شوقي لقرب جنابه وصحابه * شوق يجل يسيره أن يذكرا * * أفنى كنوز الصبر من أشواقه * وجرى على الأحشاء منه ما جرى * * إن لاح صبح كان وجد مقلق * أو جن ليل كان هما مسهرا * ومن شعره * تهيم نفسي طربا عندما * أستملح البرق الحجازيا * * ويستخف الوجد عقلي وقد * لبست أثواب الحجا زيا * * يا هل أقضى حاجتي من منى * وأنحر البزل المهاريا *
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 397 398 399 400 401 406 407 408 409 410 ... » »»