فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٤٠
الدين لأن السلطان كان قد وعد القاضي علاء الدين بن الأثير لما كان معه بالكرك بالمنصب فأقام ب دمشق إلى سنة سبع عشرة وسبعمائة وتوفي في رمضان رحمه الله تعالى ورثاه شهاب الدين محمود وهو ب مصر وكتب بها إلى القاضي محيي الدين أخيه * لتبك المعالي والنهى الشرف الأعلى * وتبكي الورى الإحسان والحلم والفضلا * * وتنتحب الدنيا لمن لم تجد له * وإن جهدت في حسن أوصافه مثلا * * ومن أتعب الناس اتباع طريقه * فكفوا وأعيتهم طريقته المثلى * * لقد أثكل الأيام حتى تجهمت * وإن كانت الأيام لا تعرف الثكلا * * وفارق منه الدست صدرا معظما * رحيبا يرد الحزن تدبيره سهلا * * فكم حاط بالرأي الممالك فاكتفت * له أن تعد الخيل للصون والرجلا * * وكم جردت أيدي العدا نصل كيدهم * فرد إلى أعناقهم ذلك النصلا * * وكم جل خطب لا يحل انعقاده * فأعمل فيه صائب الرأي فانحلا * * وكم جاء أمر لا يطاق هجومه * فلما تولى أمر تدبيره ولى * * وكم كف محذورا وكم فك عانيا * وكم رد مكروها وكم قد جلا جلى * * وقد كان للاجين ظلا فقصلت * يد الموت عدوا عنهم ذلك الظلا * * سأندبه دهري وأرثيه جاهدا * وأكثر فيه من بكائي وإن قلا * * ولم لا وقد صاحبته جل مدتي * أراه أبا برا ويعتدني نجلا * * ولم يرنا في طول مدتنا امرؤ * فيحسبنا إلا الأقارب والأهلا * * وكم أرشدتني في الكتابة كتبه * ولو زل عن إرشادها خاطري ضلا * * وكم مشكلات لم تبن لمحدق * إليها جلاها فانجلت عندما أملى * * فمن هذه حالي وحالته معي * أيحسن أن أبكي على فقده أم لا * * وعهدي به لا أبعد الله عهده * وأقلامه أنى جرت نشرت عدلا * * لقد كان لي أنس به وهو نازح * كأن التنائي لم يفرق لنا شملا * * وقد زال ذاك الأنس واعتضت بعده * دموعا إذا أنشأتها أنشت الوبلا * * فلا مدمعي الهامي يجف ولا الأسى * يخف جواه إن أقل لهما مهلا * * ولا حرقي تخبو وإن يطف وقدها * بماء دموعي صار فيها غضا جزلا *
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»