((315 - شرف الدين بن فضل الله)) عبد الوهاب بن فضل الله القاضي شرف الدين يمين الملوك والسلاطين القرشي العمري وقد ذكرنا تمام نسبه في ترجمة ابن أخيه شهاب الدين مولده في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وستمائة كان كاتبا أديبا مترسلا كتب المنسوب الفائق ومتع بحواسه لم يفقد منها شيئا ولم تتغير كتابته ومات وهو جالس ينفذ بريدا إلى بعض النواحي وكان مخاديمه يحترمونه ويعظمونه مثل حسام الدين لاجين والملك الأشرف والملك الناصر والأمير سيف الدين تنكز كان كل وقت يذكره وكان كاملا في فنه ما كتب عن ملوك الأتراك أحد مثله رآه الملك الأشرف مرة وقد قام ومشى يلقي أميرا فلما حضر عنده قال رأيتك قمت من مكانك وخطوت خطوات فقال يا خوند كان الأمير سيف الدين بيدرا النائب قد جاء وسلم علي فقال لا تعد تقم لأحد أبدا أنت تكون قاعدا عندي وذاك واقف وحكى أنه كان يوما بالمرج يقرأ على تنكز كتاب بريد جاء من السلطان والمماليك قد رموا جلمة على عصفور فاشتغل تنكز بالنظر إليها فبطل شرف الدين القراءة وأمسكه وقال يا خوند إذا قرأت عليك كتاب السلطان اجعل بالك كله مني ويكون ذهنك عندي لا تشتغل بغيري أبدا وافهمه لفظة لفظة وما رأى أحد ما رآه من التعظيم في النفوس وكان في مبدأ أمره يلبس القماش الفاخر ويأكل الأطعمة الشهية ويعمل السماعات ويعاشر الفضلاء مثل بدر الدين بن مالك وابن الظهير وغيرهم ثم انسلخ من ذلك كله لما داخل الدولة وقتر على نفسه واختصر في ملبسه وانجمع عن الناس انجماعا كليا ولما مات خلف نعمة طائلة وكان الملك الناصر قد نقله من مصر إلى الشام عوضا عن أخيه محيي
(٣٩)