الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٩ - الصفحة ١١٣
عليه ومات رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول سنة ثمانين وخمس مائة وكانت مدته اثنتين وعشرين سنة وأشهرا وكان حسن الصور لطيف الأخلاق غير أنه أفرط في محاسبة العمال وقبض يده وكان يقال إنه جماع مناع وكان بليغا شاعرا فمن كلامه قوله لبعض حاشيته إنا جربناك فوجدناك كالذهب الإبريز ما أحرق بالنار زاد طيبا فوالله لأملأن عينك قرة وقلبك مسرة ولما ثارت عليه قبائل غماره أحد كتابه أن يكتب لهم بالترغيب والترهيب فلما كتب الكاتب الكتاب زاد فيه يوسف بخطه أنتم أيها الفرقة الناشزون بين أمرين إما أن تكونوا عند الموحدين بمنزلة الضيوف وإما أن تستمروا على غيكم وما زرعه فيكم شياطينكم فتحصدكم السيوف وقد وصفه الشقندي في كتاب ظرف الظرفاء بالشعر والأدب وعلم المنطق وأنشد له هذه الأبيات وهي التي قالها في مخاطب أولاد ابن مردنيش لما كتبوا إليه يعلمونه بموت أبيهم ويظهرون الطاعة له والانقياء ويرغبون في الوصول إليه وتقبيل يديه (من الطويل) * لقاؤكم بالرحب والمنزل السهل * وثواكم كالروض يرتاح للطل * * وأثرتكم زادت على كل أثرة * وأنتم لها أهل فبورك من أهل * * هلموا إلى ما اعتدتم من كرامة * وحفظ مدى الأيام في النفس والأهل * وقد وجدت أنا له في بعض تعاليقي (من الوافر) * همو نظروا لواحظها فهاموا * وتشرب عقل شاربها المدام * * يخاف الناس مقلتها سواها * أيذعر قلب حامله الحسام * * سمى طرفي إليها وهو باك * وتحت الشمس ينسكب الغمام * * وأذكر قدها فأنوح وجدا * على الأغصان ينتحب الحمام * * وأعقب بينها في الصدر غما * إذا غربت ذكاء أتى الظلام * قلت شعر جيد في الذروة 119 - ابن عتبة الطبيب يوسف بن عتبة الإشبيلي أبو الحجاج الأديب الشاعر الطبيب له مصنفات في الأدب وله شعر وموشحات وكان ضنينا بنفسه وتوفي رحمه الله بالقاهرة سنة ست وثلاثين وست مائة قدم القاهرة فلم يقبل عليه إلا ابن يغمور فصيره مع أطباء البيمارستان وصار يأنس به في بعض الأوقات فسأله يوما عن بلاده فقال فارقت
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»