الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٧ - الصفحة ٢٥٤
وكان نصف العزيزية له وخدم الملك الصالح وخدم الترك إلى دولة الظاهر بيبرس وقرأ الطب على عمه أبي سعيد بدمشق وعلى مهذب الدين الدخوار وله نوادر في أعمال الطب كان قد أحكم معرفة نبض الكامل حتى أنه أخرج يده يوما إليه من خلف ستارة من الدور المرضي فقال هذا نبض مولانا السلطان وهو بحمد الله صحيح فعجب منه ولما طال عليه عمل الدرياق الفاروق لتعذر ادويته عمل درياقا مختصرا توجد أدويته في كل مكان وقصد بذلك التقرب إلى الله تعالى وكان يخلص المفلوجين لوقته وينشىء في العصب زيادة في الحرارة الغريزية ويقويه ويذيب البلغم في وقته ويسكن القولنج في وقته وحصل للسلطان نزلة في أسنانه ففصد لذلك وداواه الأسعد لاشتغال الرشيد بعمل الدرياق فلم ينجع وزاد الألم فصلب الرشيد وتضور فقال تسوك من الدرياق الذي عملته في البرنية الفضة وترى العجب فلما وصل إلى الباب خرجت ورقة السلطان فيها يا حكيم استعملت ما قلت وزال جميع ما بي لوقته وبعث له خلعا وذهبا ومر على أبواب القاهرة بمفلوج ملقى على جنبه فأعطاه من درياقه شربة وطلع إلى القلعة وعاد فقام المفلوج يعدو في ركابه ويدعو له فقال له اقعد فقال يا مولانا شبعت قعودا وألف للملك الصالح صلصا يأكل به اليخنى واقترح عليه أن يكون مقويا للمعدة منبها للشهوة ملينا للطبع فركب من المقدونس جزءا ومن الريحان الترنجاني جزءا ومن قلوب الأترج المنقعة في الماء والملح ثم تغسل بالماء الحلو من كل واحد نصف جزء ويدق في جرن الفقاعي كل واحد بمفرده ويخلط ويعصر عليه ماء الليمون والملح ويعمل في أوان ويختم بالزيت فلما استعمله السلطان أثنى عليه ثناء كثيرا وسقى من درياقه من به حصاة ففتتها واراق الماء لساعته ومن نوادره أن امرأة من الريف أتت إليه ومعها ولد أصفر ناحل فأخذ يده ليعرف نبضه وقال لغلامه هات الفرجية فتغير نبض الصبي في يده فقال لها هذا الصبي عاشق في واحدة) اسمها فرجية فقالت أمه إي والله يا مولاي وقد عجزت عما أعذله فتعجب الحاضرون منه وله كتاب المختار في ألف عقار وله مقالة في ضرورة الموت وأن الإنسان يحلله الحرارة التي في داخله وحرارة الهواء وقال متمثلا إحديهما قاتلي فكيف إن اجتمعا ومقاله في حفظ الصحة ومقالة في أن الملاذ الروحانية ألذ من الجسمانية وهو أبو مهذب الدين محمد المذكور في المحمدين ووالد علم الدين إبراهيم المذكور في الإباره ومن شعره في منظرة سيف الإسلام * سمح الحبيب بوصله في ليلة * غفل الرقيب ونام عن جنباتها * * في روضة لولا الزوال لشابهت * جنات عدن في جميع صفاتها * * والطير تطرب في الغصون بصوته * والراح تجلى في كؤوس سقاتها * * ومجالسي القمر المنير تنزهت * فيه الحواس باسمها و كناتها *
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»