الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٧ - الصفحة ١٦٥
3 (ابن التلميذ الطيب)) هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن إبراهيم أمين الدولة أبو الحسن ابن التلميذ النصراني البغدادي شيخ الطب ببغداد وبقراط عصره بالغ العماد في ذكره في الخريدة و هو أخو أبو الفرج معتمد الملك يحيى بن صاعد ابن التلميذ وسيأتي ذكره في حرف الياء إن شاء الله تعالى وكان في المارستان العضدي إلى أن مات سنة ستين وخمسمائة وكان يكتب خطا منسوبا خبيرا باللسان السرياني والفارسي واللغة العربية وله نظم رائق وترسل حسن كثير ووالده أبو العلاء صاعد طبيب مشهور وكان أمين الدولة وأبو البركات أوحد الزمان في خدمته المستضيء بأمر الزمان أدخل إليه برجل منزف يعرق دما في الصيف فسأل تلاميذه وكانوا قدر خمسين فلم يعرفوا المرض فأمره أن يأكل خبز شعير مع باذنجان مشوي ففعل ذلك ثلاثة أيام فبرئ فسأله أصحابه عن ذلك فقال إن دمه رق ومسامه تفتحت وهذا الغذاء من شانه تغليظ الدم وتكثيف المسام وأحضرت إليه امرأة محمولة لا يعلم أهلها أهي في الحياة أم ميتة فأمر بتجريدها من ثيابها وكان الزمان شتاء وصب الماء البارد صبا متتابعا ثم أمر بنقلها إلى مجلس دفئ قد بخر بالعود ودثر بأصناف الفراء فعطست ثم تحركت ثم قعدت) وخرجت مع أهلها ماشية واستأذنت عليه امرأة ومعها صبي صغير فقال لها هذا صبيك به حرقة البول وهو يبول الرمل فقالت نعم فسألوه عن ذلك فقال رأيته يولع بإحليله ويحكه وأنامل يديه مشققة ولما أعطي رياسة الطب ببغداد اجتمع عنده سائر الأطباء ليرى ما عندهم وكان من جملة من حضر شيخ له هيبة ووقار وكان الشيخ دربة وليس له علم فلما انتهى الأمر إليه قال له ما للشيخ لا يشارك الجماعة فيما يجثون فيه حتى نعلم ما عنده فقال كل شيء يتكلمون فيه أنا أعرفه فقال له على من قرأت فقال له إذا صار الإنسان إلى هذا السن ما يليق به أن يسأل إلا كم له من التلاميذ وأما مشائخي فقد ماتوا قال فما قرأت من الكتب قال سبحان الله صرنا إلى حد ما يسأل عنه الصبيان سيدي يسألني عما صنفته ولا بد أن أعرفك بنفسي ثم إنه نهض إليه ودنا منه وقال له سرا اعلم أنني شخت وأنا أسم بهذه الصناعة وما عندي منها إلا معرفة اصطلاحات مشهورة في المداواة وعمري أتكسب بها وعندي عائلة فسألتك بالله سيدنا مشي حالي ولا تفضحني بين الجماعة فقال له أمين الدولة على شريطة أنك لا تهجم على مرض بما لم تعلمه فقال نعم فقال له أمين الدولة يا شيخ اعذرنا فما كنا نعرفك وأنت مستمر على حالك ثم غنه شرع يتحدث مع غيره وقال لآخر على من قرأت فقال على هذا الشيخ وأنا من تلاميذه ففهم أمين الدولة وتبسم وكتب إليه مؤيد الدين الطغرائي
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»