وكان متغضبا عليه وكانت حيلته لا تبلغ عشر المال فقال يا بني إن كانت لنا حيلة فليس إلا من قبل عمارة بن حمزة وإلا فأنا هالك فامض إليه فمضيت إليه فلم يعرني الطرف ثم تقدم بحمل المال فحمل إلينا فلما مضى شهران جمعنا المال فقال أبي امض إلى الشريف الحر الكريم فأد إليه ماله فلما عرفته الخبر غضب فقال ويحك أكنت قسطارا لأبيك فقلت لا ولكنك أحييته ومننت عليه وهذا المال وقد استغنى عنه فقال هو لك فعدت إلى أبي فقال لا والله ما تطيب به نفسي لك ولكن لك منه مئتا ألف درهم فتشبهت به حتى صار خلقا لا أستطيع مفارقته وبعث أبو أيوب المكي بعض ولده إلى عمارة فأدخله الحاجب قال وأدناني إلى ستر مسبل فقال ادخل فدخلت فإذا هو مضطجع محول وجهه إلى الحائط فقال الحاجب سلم فسلمت فلم يرد علي فقال الحاجب اذكر حاجتك فقلت جعلني الله فداءك أخوك أبو أيوب يقرئك السلام ويذكر دينا بهضه وفتر وجهه ويقول لك لولاه لكنت مكان رسولي تسأل أمير المؤمنين قضاءه عني فقال وكم دين أبيك فقلت ثلاث مائة ألف درهم فقال أوفي مثل هذا أكلم أمير المؤمنين يا غلام احملها معه ولم يلتفت إلي ولم يكلمني بغير هذا وقال الفضل بن الربيع كان أبي يأمرني بملازمة عمارة بن حمزة فاعتل عمارة وكان المهدي سيئ الرأي فيه فقال أبي يوما يا أمير المؤمنين مولاك عمارة بن حمزة عليل وقد أفضى إلى بيع فرشه وكسوته فقال غفلنا عنه وما كنت أظن حاله بلغت إلى هذا احمل إليه خمس مائة ألف درهم وأعلمه أن له عندي بعدها ما يحب قال فحملها أبي إليه من ساعته وقال لي اذهب بها إلى عمك عمارة فقال فأتيته ووجهه إلى الحائط فسلمت فقال من أنت قلت ابن أخيك الفضل بن الربيع فقال مرحبا بك فقلت له أخوك يقرئك السلام ويقول لك أذكرت أمير المؤمنين أمرك فاعتذر من غفلته عنك وأمر لك بهذا المال فقال لي قد كان طال لزومك لنا وكنا نحب أن نكافئك على ذلك ولم يمكنا قبل هذا الوقت انصرف بالمال) فهو لك قال فهبته أن أرد عليه فتركت البغال على بابه وانصرفت إلى أبي وأعلمته الخبر قال يا بني خذها بارك الله لك فيها فليس عمارة ممن يراجع ودخل عمارة يوما على المهدي فأعمه فلما قام قال له رجل من أهل المدينة من القرشيين يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي أعظمته هذا الإعظام كله فقال له هذا عمارة بن حمزة مولاي فسمع عمارة كلام المهدي فرجع إليه وقال يا أمير المؤمنين
(٢٤٨)