كان يقول ما أعجب قول الناس فلان رب الدار إنما هو كلب الدار يخبز في داري كل يوم ألفا رغيف يأكل منها ألف وتسع مائة وتسع وتسعون رغيفا حلالا وآكل أنا منها رغيفا واحدا حراما أراد أبو جعفر المنصور يوما أن يبعث به فأمر بعض خدمه أن يبعث به ويقطع حمائل سيفه لينظر أيأخذه أم لا ففعل به ذلك وسقط السيف فمضى عمارة ولم يلتفت وكان من تيهه إذا أخطأ يمضي على خطأه ويتكبر عن الرجوع ويقول نقض وإبرام في ساعة واحدة الخطأ أهون من هذا وكان يوما يمشي مع المهدي في أيام المنصور ويده في يده فقال له رجل من هذا أيها الأمير فقال أخي وابن عمي عمارة بن حمزة فلما ولى الرجل ذكر المهدي ذلك لعمارة كالمازح فقال عمارة انتظرت أن تقول مولاي فأنفض والله يدي من يدك فضحك المهدي وبلغ موسى الهادي حال بنت جميلة لعمارة فراسلها فقالت لأبيها فقال قولي له ليأتي إليك وضعيه في موضع يخفى أثره فأرسلت إليه فحضر إليها فأدخلته حجرة له قد أعدت بالفرش الجميل فلما صار فيها دخل إليه عمارة فقال السلام عليك أيها الأمير ماذا تصنع هاهنا اتخذناك ولي عهد فينا أو فحلا لنسائنا ثم أمر به فبطح مكانه وضربه عشرين درة خفيفة ورده إلى منزله فحقدها عليه الهادي فلما ولي الخلافة دس عليه رجلا يدعي عليه أنه غصبه الضيعة الفلانية بالكوفة وكان قيمتها ألف ألف درهم فبينا الهادي ذات يوم جالس للمظالم وعمارة بحضرته إذ وثب الرجل وتظلم منه فقال له الهادي قم واجلس مع خصمك وأراد إهانته فقال إن كانت الضيعة لي فهي له ولا أساوي هذا النذل في المجلس ثم قام وانصرف مغضبا وكرهه أهل البصرة لتيهه وعجبه فرفع أهل البصرة إلى المهدي أنه أختان مالا كثيرا فسأله المهدي عن ذلك فقال والله يا أمير المؤمنين لو كانت هذه الأموال التي يذكرونها في جانب بيتي ما نظرت إليها فقال المهدي صدقت ولم يراجعه فيها وقيل إنه كان له ألف دواج بوبر سوى ما لا وبر له) وكان الفضل بن يحيى بن برمك شديد الكبر عظيم التيه فعوتب على ذلك فقال هيهات هذا شيء حملت عليه نفسي لما رأيته من عمارة بن حمرة فإن أبي كان يضمن فارس من المهدي فحل عليه ألف ألف درهم فأمر المهدي أبا عون عبد الله بن يزيد بمطالبته وقال له إن أدى إليك المال قبل أن تغرب الشمس من يومنا هذا وإلا فأتني برأسه
(٢٤٧)