الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢١ - الصفحة ٢٨١
لكنه ولد نعمة شديد العجب والدالة وحمل النفس على ما تدعوه إليه الحداثة فسد رأي عضد الدولة فيه فلما توفي ركن الدولة وسار مؤيد الدولة من إصبهان إلى الري استصحب معه الصاحب بن عباد كاتبه وأقرأ أبا الفتح ابن العميد على حملته ورتبه في منزلته وقدمه ومكنه فاستمر على عادته في الإدلال والاستبداد والمضي على وجهه في كل الأحوال فاستوحش منه مؤيد الدولة وترددت بينه وبين عضد الدولة مكاتبات ومراسلات في بابه فقبض عليه مؤيد الدولة في شهر ربيع الأول سنة ست وستين وثلاث مائة ولما حبس وعذب لاستخراج الأموال سملت عينه وجزت لحيته) وجدع أنفه ففتق جيب جبته وأخرج منه رقعة تشتمل على ودائع أمواله وذخائره فألقاها في النار وقال للموكل به اصنع ما شئت فوالله لا يصل إليكم من أموالي المستورة حبة واحدة فما زال يعذبه إلى أن مات وقد ذكر أبو حيان التوحيدي سبب القبض عليه مستوفى وأورده ياقوت في ترجمة أبي الفتح ابن العميد وأنشد في آخر حاله من البسيط * راعوا قليلا فليس الدهر عبدكم * كما تظنون والأيام تنتقل * ومن شعره وهو في الحبس من السريع * بدل من صورتي المنظر * لكنه ما بدل المخبر * * وليس لي حزن على فائت * لكن على من ليس يستعبر * * وواله القلب بما مسني * مستخبر عني فلا يخبر * * فقل لمن سر بما ساءني * لا بد للمسلك أن يعبر * ووجد على حائط محبس ابن العميد بعد قتله من الخفيف * ملك شد لي عرى الميثاق * بأمان قد سار في الآفاق * * لم يحل رأيه ولكن دهري * حال عن رأيه فشد وثاقي * * فقرى الوحش من عظامي ولحمي * وسقى الأرض من دمي المهراق * * فعلى من تركته من قريب * أو حبيب تحية المشتاق * وفي بني العميد يقول القائل من الوافر * مررت على ديار بني العميد * فألفيت السعادة في خمود * * فقل للشامت الباغي رظويدا * فإنك لم تبشر بالخلود * وكان أبوه أبو الفضل قد جعل عليه عيونا يرصدونه ويطالعونه بأخباره ومتجدداته فقال
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»