الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٧ - الصفحة ٥٣
وأعلاها منارا وأطيب الجنات جنابا ما طاب أرجا وثمارا وفجر خلاله كل نهر تروع حصاه حالية العذارى ورنحت معاطف غصونه سلاف النسيم فتراها سكاري وتمد ظلال الغصون فتخال أنها على وجنات الأنهار تدب عذارا وكانت دمشق المحروسة لها هذه الصفات وعلى صفاها تهب نسمات هذه السمات لم يتصف غيرها بهذه الصفة ولا اتفق أولو الألباب إلا على) محاسنها المختلفة فهي البقعة التي يطرب لأوصاف جمالها الجماد والبلد الذي ذهب بعض المفسرين إلى أنها إرام ذات الماد وهي في الدنيا أنموذج الجنة التي وعد المتقون ومثال النعيم للذين عند ربهم يرزقون وهي زهرة ملكنا ودرة سلكنا وقد خلت هذه المدة ممن يراعي مصالح أحولها ويرعى بحزم أموالها ويدبر أمر مملكتها أجمل التدبير ويحمي حوزتها ويحاشيها من التدمير فيسم منها غفلا ويحلي عطلا ويملأ خزائنها خيرا يجلى إذا ملأنا ساحتها خيلا ورجلا تعين أن ننتدب لها من خبرناه بعدا وقربا وهززناه مثقفا لدنا وسللناه عضبا وخبأناه في خزائن فكرنا فكان أشرف ما يدخر وأعز ما يخبى كم نهى في الأيام وأمر وكم شد أزرا لما وزر وكم غنيت به أيامنا عن الشمس وليالينا عن القمر وكم رفعنا راية مجد تلقاها عرابة فضله بيمين الظفر وكم علا ذرا رتب تعز على الكواكب الثابتة فضلا عمن يتنقل في المباشرات من البشر وكم كانت الأموال جمادى فأعادها ربيعا غرد به طائر الإقبال في الجهات وصفر وكان المجلس العالي القضائي الوزيري الصاحبي الأميني أدام الله نعمته هو معنى هذه الإشارة وشمس هذ الهالة وبدر هذه الدارة نزل من العلياء في الصميم وفخر بأقلامه التي هي سمر الرماح كما فخرت بقوسها تميم وتحفظت الأموال في دفاتره التي يوشيها فآوت إلى الكهف والرقيم وقال لسان قلمه إجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم وعقم الزمان بأن يجيء بمثله إن الزمان بمثله لعقيم وتشبه به أقوام فبانوا وبادوا وقام منهم عباد العباد فلما قام عبد الله يدعوه كادوا أردنا أن ينال الشام فضله كما نالته مصر فما يساهم فيه سواهما ولا يقول لسان الملك لغيره من الطويل * حللت بهذا حلة ثم حلة * بهذا فطاب الواديان كلاهما * فلذلك رسم بالأمرالشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري أعلاه الله وشرفه أن يفوض إليه تدبير الممالك الشريفة بالشام المحروس ونظر الخواص الشريفة والأوقاف
(٥٣)
مفاتيح البحث: الشام (2)، دمشق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»