غبريال تقدير شهر فلما طال الأمر عليهما ظهرا وأسلما وهو ابن أخت السديد الأعز المذكور في حرف السين المهملة وكان خاله مستوفيا وبه تخرج وعليه تدرب ولما مات رتب مكانه ونال في الاستيفاء السعادة الواسعة والدنيا العريضة وزر بعد ذلك ثلاث مرات وهو يتأسف على وظيفة الاستيفاء وتولي الوزارة بالديار المصرية ثم عزل وأقام قليلا ثم وزر ثانيا ثم إنه عمل عليه وأخرج إلى طرابلس ناظرا بمعلوم الوزارة فأقام بها إلى أن حج منها في غالب الظن واستعفى من الخدمة وأقام بالقدس وله راتب يأكله في كل مرة ولم يزل مقيما بالقدس إلى أن أمسك القاضي كريم الدين الكبير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة فطلب إلى مصر وتولى الوزارة بها إلى أن كثر الطلب عليه فدخل إلى السلطان الملك الناصر وقال له يا خوند ما يمشي للوزير حال إلا أن يكون من مماليك مولانا السلطان فاتفق هو وإياه على الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي فقال له السلطان أخرج ونفذ أشغالك إلى آخر النهار وانزل إلى بيتك وأعلم الناس) أن الوزير فلان فخرج ونفذ الأشغال وكتب على التواقيع وأطلق ورتب إلى آخر النهار ونزل إلى بيته بالمشاعل والفوانيس والمستوفين والنظار ومشد الدواوين والمقدمين ولما نزل عن بغلته قال يا جماعة مساكم الله بالخير وزيركم غدا الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي فكان ذلك عزلا لم يعزله وزير غيره في الدولة التركية ثم إنه لازم بيته يأكل مرتبه إلى أن عمل الاستيمار في أيام الجمالي ووفر فيه جماعة فطلب من السلطان أن يتصدق عليه بوظيفة فقال السلطان يكون ناظرا للدولة كبيرا مع الوزير مغلطاي فباشر النظر هو والقاضي مجد الدين بن لفيتة أربعين يوما فكان حمله ثقيلا عليه فاجتمع الجماعة من الكتاب عليه وقاموا كتفا واحدة فلما كان يوما وقد خرج من باب الوزير العصر خرج خادم صغير من القصر وجاء إليه أغلق دواته وقال بسم الله يا مولانا إلزم بيتك فلزم بيته وذلك في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ولما أمسك الصاحب شمس الدين غبريال وطلب إلى مصر رسم له السلطان بنظر النظار مكانه بدمشق فخرج إلى دمشق في شهر صفر سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة فأقام بها بعمل الوزارة إلى أن أمسك السلطان النشو في سنة أربعين وسبعمائة فطلب الصاحب أمين الدين إلى مصر ليوليه الوزارة بمصر فكان الكتاب عملوا عليه إلى أن انثنى عزمه عنه فأقام في بيته قليلا ثم أمسك وصودر هو وولده القاضي تاج الدين أحمد ناظر الدولة بمصر وأخوه القاضي كريم الدين مستوفي الصحبة وبسط عليه العقاب إلى أن توفي رحمه الله تعالى في تلك الحال سنة أربعين وسبعمائة وتغيب إذ ذاك ولده شمس الدين أبو المنصور ولم يظهر له خبر أبدا وكان الصاحب أمين الدين يأخذ نفسه برياسة كبيرة وحشمة وكان ساكنا عاقلا وقورا قد أسن وكبر ولا يدخل عليه أحد إلا قام له وتكلف ذلك ويحكي عقيب ذلك أن خاله كان إذا جاء إلى قومس يقول بالله لا تقوموا لي فإن
(٥١)