الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٧ - الصفحة ٢٣٣
أمير المؤمنين المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب العباسي الخليفة أبو جعفر المنصور أمه سلامة البربرية ولد قريب سنة خمس وتسعين روى عن أبيه وروى عنه ابنه المهدي وكان قبل الخلافة يقال له عبد الله الطويل وضرب في الآفاق إلى الجزيرة والعراق وإصبهان وفارس قال أبو بكر الجعابي كان المنصور في حياة أبيه يلقب بمدرك التراب أتته البيعة بالخلافة بمكة وعهد إليه بالخلافة أخوه السفاح فولي اثنتين وعشرين سنة وكان أسمر طويلا نحيفا خفيف العارضين معرق الوجه رحب الجبهة يخضب بالسواد كأن عينيه لسانان ناطقان تخالطه أبهة الملك بزي النساك تقبله القلوب وتتبعه العيون وكان أقنى الأنف بين القنا وكان من أفراد الدهر حزما ورأيا ودهاء وجبروتا وكان مسيكا حريصا على جمع المال كان يلقب أبا الدوانيق لمحاسبته العمال والصناع على الدوانيق والحبات وكان شجاعا مهيبا تاركا للهو واللعب كامل العقل قتل خلقا كثيرا حتى ثبت الأمر له ولولده وكان فيه عدل وله حظ من صلاة وتدين وعلم وفقه نفس توفي محرما على باب مكة في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة ودفن ما بين الحجون وبئر ميمون وكان فحل بني العباس وكان بليغا فصيحا ولما مات خلف في بيوت الأموال تسع مائة ألف ألف وخمسين ألف ألف درهم قال رأيت كأني في الحرم وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة وبابها مفتوح فنادى مناد أين عبد الله فقام أخي أبو العباس حتى صار على الدرجة فأدخل فما لبث أن خرج ومعه قناة عليها لواء أسود قدر أربعة أذرع ثم نودي أين عبد الله فقمت إلى الدرجة فأصعدت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وبلال يعقد لي وأوصاني بأمته وعممني بعمامة وكان كورها ثلاثة وعشرين وقال خذها إليك أبا الخلفاء إلى يوم القيامة وعاش أربعا وستين سنة وتوفي ببئر ميمون من أرض الحرم قبل التروية بيوم لثمان خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة وكان يقول حين دخل في الثلاث وستين سنة هذه تسميها العرب القتالة والحاصدة كاتبه أبو أيوب سليمان المورياني) وعبد الجبار بن عدي ثم أبان بن صدقة نقش خاتمه الحمد لله كله وكان له من الأولاد
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»