الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٤ - الصفحة ١١٩
الأمين اسمها أمة العزيز وكنيتها أم جعفر الهاشمية العباسية قيل لم تلد عباسية خليفة قط إلا هي وكان لها حرمة عظيمة وبر وصدقات وآثار حميدة في طريق الحج ولقبها جدها المنصور زبيدة لبضاضتها ونضارتها أنفقت في حجها بضعا وخمسين ألف ألف درهم وكان في قصرها من الخدم والحشم والآلات والأموال ما يقصر عنه الوصف من جملة ذلك مائة جارية كل منهن يحفظ القرآن وكان يسمع من قصرها مثل دوي النحل من القراءة ولم تزل زين نساء الوقت بالعراق في أيام زوجها وولدها وأيام ابن زوجها المأمون وتوفيت سنة ست وعشرين ومائتين وهي التي سقت أهل مكة بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار وأسالت الماء عشرة أميال تخط الجبال وتجوب الصخر حتى غلغلته في الحل إلى الحرم وعملت عقبة البستان فقال وكيلها يلزمك نفقة كبيرة فقالت اعملها ولو كانت ضربة الفأس بدينار ولما دخل المأمون بغداد دخلت زبيدة عليه وقالت أهنئك بخلافة قد هنأت بها نفسي عنك قبل لقائك ولئن كنت فقدت ابنا خليفة ولدته فقد عوضني الله خليفة لم ألده وما خسر من اعتاض مثلك ولا ثكلت أم ملأت راحتيها منك وأنا أسأل الله أجرا على ما أخذ وإمتاعا بما عوض فقال المأمون ما يلد النساء مثل هذه فما أبقت بعد هذا الكلام لبلغاء الرجال وحشا فاها درا كتب إلي القاضي العلامة شهاب الدين أحمد بن فضل الله ملغزا في اسم زبيدة من الخفيف * أيها الفاضل الذي حاز فضلا * ما عليه لمثله من مزيد * * قد تدانى عبد الرحيم لديه * وتناءى لديه عبد الحميد * * أي شيء سمي به ذات حجب * تائه بالإماء أو بالبعيد * * هو وصف لذات ستر مصون * وهي لم تخف في جميع الوجود * * قد مضى حينها بها ليس تأتي * وهي تأتي مع الربيع الجديد) * (وهو مما يبشر الناس طرا * منه مأتى وكثرة في العديد * * وحليم أراده لا لذات * بل لشيء سواه في المقصود * * ذاك من ارتجاه سفيه * وهو شيء مخصص بالرشيد * فكتبت الجواب إليه على ذلك من الخفيف * يا فريدا ألفاظه كالفريد * ومجيدا قد فاق عبد المجيد * * وإمام الأنام في كل علم * وشريكا في الفضل للتوحيدي *
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»