وجرت في أيامه حروب ووقائع يطول شرحها من ذلك رجاء الفرنجي صاحب صقلية أخذ طرابلس الغرب بالسيف عنوة سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وقتل أهلها وسبى الحريم والأطفال وأخذ الأموال ثم عمرها وحصنها بالرجال والعدد ثم أخذ المهدية سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة لأن الحسن هذا لما علم بعجزه عن مقاومته خرج من المهدية هاربا واستصحب ما خف حمله من النفائس وهرب أهل البلد أيضا إلا من عجز فملكها الفرنج وتوجه الحسن هذا إلى قلعة المعلقة وهي حصينة بإفريقية تجاور تونس وصاحبها محرز بن زياد أحد أمراء العرب فأقام عنده قليلا وظهر له منه الضجر فعزم على القصد إلى الديار المصرية ليكون عند الحافظ العبيدي فبلغ الخبر رجارا فجعل عشرين شينيا في البحر عينا عليه لإمساكه فرجع الحسن عن هذا وأراد التوجه إلى عبد المؤمن بن علي بمراكش وجهز ثلاثة من أولاده إلى صاحب بجاية وهي آخر أعمال أفريقية يستأذنه في الوصول إليه وبعد ذلك يتوجه إلى عبد المؤمن فأضمر له الغدر وخاف من اجتماعه بعبد المؤمن أن يتفقا عليه فكتب على) يد أولاده إليه لا حاجة لك في الرواح إلى عبد المؤمن ونحن نفعل معك ونصنع وأجزل له المواعيد الحسنة فتوجه إليه فلما قرب من بجاية لم يخرج للقائه وعدل به إلى الجزائر وهي بلدة فوق بجاية من جهة الغرب وأنزلوه بها في مكان لا يليق بمثله ورتبوا له من الإقامة ما لا يكفي بعض أتباعه ومنعوه من التصرف وكان وصوله إلى الجزائر في المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة ثم إن عبد المؤمن فتح بجاية سنة سبع وأربعين وخمسمائة وهرب صاحبها إلى قسطنطينة وهلك رجار ثم إن عبد المؤمن وصل إلى المهدية وملكها بعد جهد جهيد سنة خمسين وخمسمائة وولى بها نائبا وكان الحسن هذا قد وصل معه فرتبه مع النائب لتدبيرها لكونه عارفا بحالها وأقطعه بها ضيعتين وأعطاه دورا يسكنها هو وأولاده فسبحان من لا يزول ملكه ولا يحول هذا الحسن بعد أن كان ملكا أصبح سوقة وكان هو آخر من ملك إفريقية من أهل بيته وأول ملوك بيته زيري ويأتي ذكره في حرف الزاي وهم تسعة ملوك ومدة ولايتهم مائتا سنة وثمانية أعوام وانقرضت دولة بني إدريس وهذا الحسن بن علي المذكور هو الذي صنف له أمية بن أبي الصلت كتاب الحديقة 3 (المذهب)) الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن وهب التميمي الواعظ أبو علي المذهب البغدادي راوي المسند توفي ليلة الجمعة سنة أربع وأربعين وأربعمائة
(٧٥)