بالليل لعدم الفراغ بالنهار خدمة للأمير فقضينا على ذلك زمنا ثم توجه شمس الدولة لحرب أمير الطرم وعاوده القولنج وانضاف إلى ذلك أمراض أخرى جلبها سوء) تدبيره وعدم قبول إشارات الشيخ فخاف العسكر وفاته فرجعوا به وتوفي في الطريق وبويع ابن شمس الدولة وطلبوا وزارة الشيخ فأبى عليهم وكاتب علاء الدولة أبا جعفر ابن كاكويه سرا يطلب خدمته والمسير إليه وأقام في دار أبي غالب العطار متولي المهذب فطلبت منه إتمام كتاب الشفاء فطلب الكاغد والمحبرة وكتب في قريب من عشرين جزءا رؤوس المسائل فكتبها كلها بلا كتاب يحضره ولا أصل يرجع إليه وفرغ منها في يومين ثم ترك تلك الأجزاء بين يديه وأخذ الكاغد فكان ينظر في كل مسألة ويكتب شرحها فكان يكتب كل يوم خمسين ورقة حتى أتى على جميع طبيعيات الشفاء والإلهيات ما خلا كتاب الحيوان وابتدأ بالمنطق وكتب منه جزءا ثم اتهمه تاج الملك بمكاتبة علاء الدولة فحث في طلبه فدل عليه بعض أعدائه وودوه إلى قلعة يقال لها فردجان وأنشد هناك قصيدة منها من الوافر * دخولي باليقين كما تراه * وكل الشك في أمر الخروج * وبقي فيها أربعة أشهر ثم قصد علاء الدولة همذان وأخذها وانهزم تاج الملك ثم رجع علاء الدولة عن همذان وعاد تاج الملك وابن شمس الدولة إلى همذان وحملوا الشيخ معهم إلى همذان ونزل في دار العلوي واشتغل بتصنيف المنطق من كتاب الشفاء وكان قد صنف بالقلعة كتاب الهدايات ورسالة حي بن يقظان وكتاب القولنج وأما الأدوية القلبية فإنما صنفها أول وروده إلى همذان وتقضى على هذا زمان وتاج الملك يمنيه بمواعيد جميلة ثم عن له التوجه إلى أصبهان فخرج متنكرا وأنا وأخوه وغلامان معه في زي الصوفية فقاسينا شدائد إلى أن قربنا من أصبهان فخرج أصدقاؤه وندماء علاء الدولة وخواصه وحملوا إليه المراكب الخاصة والثياب الفاخرة وأنزل في مكان فيه من الآلات جميع ما يحتاج إليه ورسم له في ليالي الجمع بمجالس النظر بين يديه ويحضره العلماء على اختلاف طبقاتهم فما كان يطاق في شيء من العلوم وتمم بأصبهان كتاب الشفاء ففرغ من المنطق والمجسطي وكان قد اختصر أقليدس والأرثماطيقي والموسيقى وأورد في كل كتاب من الرياضيات زيادات رأى أن الحاجة إليها داعية أما في المجسطي فأورد فيه عشرة أشكال في اختلاف المنظر وأورد في آخر المجسطي في الهيئة إيرادات لم يسبق إليها وأورد في أقليدس شبها وفي الأرثماطيقي حسنة وفي الموسيقى مسائل غفل عنها الأولون وتم الكتاب المعروف بالشفاء ما خلا كتاب) النبات وكتاب الحيوان فإنهما صنفا في السنة التي توجه فيها علاء الدولة إلى سابور في الطريق وصنف في الطريق أيضا كتاب النجاة
(٢٤٦)