الرياضي ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة وكان في جواري أيضا رجل يقال له أبو بكر الخوارزمي البرقي فقيه النفس متوجه في التفسير فصنفت له كتاب الحاصل والمحصول في قريب من عشرين مجلدا وصنفت له في الأخلاق كتاب البر والإثم وهذا الكتابان فلا يوجدان إلا عنده ثم مات والدي وتصرفت في الأعمال وتقلدت شيئا من أعمال السلطان ودعتني الضرورة إلى الإخلال ببخارى لما اضطربت أحوال الدولة السامانية والانتقال إلى كركانج وقدمت إلى الأمير بها وهو علي بن المأمون وكنت على زي الفقهاء بطيلسان وتحت الحنك وتنقلت في البلاد إلى جرجان وكان قصدي الأمير قابوس فاتفق في أثناء هذا أخذ قابوس وحبسه) في بعض القلاع وموته فمضيت إلى دهستان ومرضت وعدت إلى جرجان فاتصل بي أبو عبيد الجوزجاني وأنشدت في حالي قصيدة فيها البيت القائل من الكامل * لما عظمت فليس مصر واسعي * لما غلا ثمني عدمت المشتري * قال أبو عبيد هذا ما حكاه لي وأما ما شاهدته أنا من أحواله فإنه كان بجرجان رجل يقال له أبو محمد الشيرازي يحب هذه العلوم فاشترى للشيخ دارا في جواره وأنزله إليه وأنا أختلف إليه في كل يوم أقرأ المجسطي وأستملي المنطق فأملى علي المختصر الأوسط وصنف لأبي محمد كتاب المبدأ والمعاد وكتاب الأرصاد الكلية وصنف هناك كتبا كثيرة كأول القانون و مختصر المجسطي وكثيرا من الرسائل ثم صنف في أرض الجبل بقية كتبه وذكر منها جملة ثم انتقل إلى الري واتصل بخدمة السيدة وابنها مجد الدولة وعرفوه بسبب كتب وصلت معه تتضمن تعريف قدره وكان بمجد الدولة إذ ذاك علة السوداء فاشتغل بمداواته وصنف هناك كتاب المعاد ثم اتفقت له أسباب أوجبت خروجه إلى قزوين ومنها همذان واتفقت له معرفة شمس الدولة وحضر مجلسه بسبب قولنج أصابه وعالجه فشفاه الله وفاز من ذلك المجلس بخلع كثيرة وصار من ندمائه وسألوه تقلد الوزارة فتقلدها ثم اتفق تشويش العسكر عليه وأشفقوا على أنفسهم منه فكبسوا داره وأخذوه إلى الحبس وأغاروا على أسبابه وجميع ما يملكه وساموا الأمير قتله فامتنع وعزل نفسه عن الدولة طلبا لمرضاتهم وتوارى أربعين يوما فعاود شمس الدولة القولنج فأحضره مجلسه واعتذر الأمير شمس الدولة إليه بكل عذر واشتغل بمعالجته وأقام عنده مكرما مبجلا وأعيد إلى الوزارة ثانيا وسألته أن يشرح لي كتب أرسطو فذكر أن لا فراغ له في ذلك الوقت ولكن إن رضيت مني بتصنيف كتاب أورد فيه ما صح عندي من هذه العلوم بلا مناظرة مع المخالفين ولا الاشتغال بالرد عليهم فعلت ذلك فرضيت منه بذلك فابتدأ بالطبيعيات من كتاب سماه الشفاء وكان قد صنف الأول من القانون فكنا نجتمع كل ليلة في دار طلبة العلم وكنت أقرأ من الشفاد نوبة ويقرأ غيري من القانون نوبة فإذا فرغنا حضر المغنون على اختلاف طبقاتهم وعبئ مجلس الشراب بآلاته وكنا نشتغل به وكان التدريس
(٢٤٥)