* أسلفت أسلافك في خدمتي * من مدتي إحدى وستينا * * كنت ابن عشرين وست وقد * وفيت سبعا وثمانينا * وكان شديد الموالاة في الأمين ورثاه بمراث كثيرة عن حماد بن إسحاق عن أبيه قال كنت بين يدي المأمون واقفا إذ دخل ابن البواب وفي يده رقعة فيها أبيات وقال إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في إنشادها فظنها له فقال هات فأنشده من الطويل * أجرني فإني قد ظمئت إلى الوعد * متى ينجز الوعد المؤكد بالعهد * * أعيذك من خلق ملول وقد ترى * تقطع أنفاسي عليك من الوجد * * أيبخل فرد الحسن عني بنائل * قليل وقد أفردته بهوى فرد * إلى أن بلغ قوله من الطويل * رأى الله عبد الله خير عباده * فملكه والله أعلم بالعبد * * إلا إنما المأمون لله عصمة * مميزة بين الضلالة والرشد * فقال المأمون أحسنت يا عبد الله فقال بل أحسن قائلها قال ومن هو قال عبدك الحسين بن الضحاك فقطب ثم قال لا حياه الله ولا بياه ولا قربه ولا أنعم له عينا أليس هو القائل من الطويل * أعيني جودا وابكيا لمحمد * ولا تذخرا دمعا عليه وأسعدا * * فلا تمت الأشياء بعد محمد * ولا زال شمل الملك فيه مبددا * * ولا فرح المأمون بالملك بعده * ولا زال في الدنيا طريدا مشردا * هذا بذاك فلا شيء له عندنا فقال له ابن البواب فأين فضل إحسان أمير المؤمنين وسعة حلمه وعادته في العفو فأمر بإحضاره فلما حضر سلم فرد عليه خافيا ثم أقبل عليه فقال له أخبرني عنك هل عرفت يوم قتل أخي محمد رحمه الله هاشمية قتلت وهتكت قال لا قال فما معنى قولك من الطويل * ومما شجى قلبي وكفكف عبرتي * محارم من آل النبي استحلت) * (ومهتوكة بالخلد عنها سجوفها * كعاب كقرن الشمس حين تبدت * * إذا أخفرتها روعة من منازع * بها المرط عاذت بالخشوع ورنت * * وسرب ظباء من ذؤابة هاشم * هتفن بدعوى خير حي وميت * * أرد يدا مني إذا ما ذكرته * على كبد حرى وقلب مفتت * * فلا بات ليل الشامتين بغبطة * ولا بلغت آمالها ما تمنت * فقال يا أمير المؤمنين لوعة غلبتني وروعة فجأتني ونعمة سلبتها بعد أن غمرتني
(٢٣٦)