الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٧ - الصفحة ٦
رجل لا أعرفه له رواء وهيبة وتوسمت أنه من أهل المعرفة وقعد لا ينطق من أول المجلس إلى آخره فلما انصرف الناس لم ينصرف فقلت له ألك حاجة قال نعم تخلي لي نفسك فأبعدت غلماني وبقيت وحدي فقال أنا رجل أرسلني الله إلى هذا البشر وقد بدأت بك لفضلك وأملت أن أجد عندك معونة فقلت له يا هذا أما علمت أني مسلم أعتقد أنه لا نبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علمت ذلك وما جئتك إلا ببرهان ومعجزة هل لك في الوقوف على معجزتي فأردت أن أعلم كل ما عنده فقلت له هاتها فقال تحضرني سطلا فيه ماء فأحضرت ذلك فأخرج من كمه حجرين أصمين أشد ما يكون من الحجارة فقال) خذهما فأخذتهما فقال ما هما فقلت حجران فقال لي رم كسرهما فرمت ذلك فتعذر لشدة صلابتهما فقال ضعهما بيدك في السطل وغطه بمنديل ففعلت من حيث لم يتول هو شيئا من الأمر ولا قرب من السطل وأقبل يحدثني فوجدته ممتعا كثير الحديث سديد العبارة حسن البيان صحيح النقل لا أنكر منه شيئا فلما طال الأمر قلت له فأي شيء بعد هذا فقال أخرج لي الحجرين فكشفت السطل وطلبتهما فلم أجدهما وتحيرت وقلت له ليس في السطل شيء فقال أما في هذا إعجاز فقلت له بقيت عليك واحدة وهي أنني آتيك بحجرين من عندي فقال لي وهكذا قال أصحاب موسى له إذ جاءهم بعصاه نريد أن تكون هذه العصا من عندنا فتوقفت عن جوابه لأفكر فيه فقام وقال لي فكر في أمرك وأعود إليك فندمت على تركه بعد انصرافه وأمرت غلماني فتتبعوه في كل طريق فلم يجدوه قال القاسم بن عبيد الله قال لي المعتضد أتدري ما أراد أحمد بن الطيب لعنه الله بهذا الحديث فقلت لا يا أمير المؤمنين فقال إنما أراد أن سبيل موسى عليه السلام في العصا سبيل هذا الرجل في الحجرين وأن الجميع بحيلة فأحسست بما ذهب إليه وكان ذلك من أكبر ما نقمه عليه المعتضد وفيه يقول أبو أحمد يحيى بن علي النديم * يا من يصلي رياء * ويظهر الدين سمعه * * وليس يعبد ربا * ولا يدين بشرعه * * قد كنت عطلت دهرا * فكيف أسلمت دفعه * * لو ظلت في كل يوم * مصليا ألف ركعه * * وصمت دهرك لا مف * طرا لعيد وجمعه * * ما كنت في الكفر إلا * كالنار في رأس تلعه * * تقرا القران ولو تس * طيع فرقت جمعه * * وإن سمعت بحق * حاولت بالزور دفعه * * قل لي أبعد اتباع ال * كندي تعمر ربعه *
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»