الصايغ ودرس بالأمينية إلى أن مات عشية نهار السبت سادس عشرين شهر رجب سنة إحدى وثمانين وست مائة بالنجيبية جوار النورية وشيعه الخلائق أنشدني من لفظه لنفسه شهاب الدين أحمد بن غانم كاتب الإنشاء يرثي قاضي القضاة شمس الدين) * يا شمس العلوم في الثرى قد غابت * كم نبت عن الشمس وهي ما نابت * * لم تأت بمثلك الليالي أبدا * إما قصرت عنه وإما هابت * وكان وجيه الدين محمد بن سويد صاحبه وكان يسومه قضاء أشغال كثيرة ويقضيها فحضر في بعض الأيام ورام منه أمرا متعذرا فاعتذر فقال ما يكون الصاحب صاحبا حتى يعرق جبينه مع صاحبه في جهنم فقال القاضي بلى يا وجيه الدين صرنا معك قشلمشا وما ترضى ويقال إنه عمل تاريخا للملك الظاهر ووصل نسبه بجنكزخان فلما وقف عليه قال هذا يصلح أن يكون وزيرا اطلبوه فطلب وبلغ الخبر الصاحب بهاء الدين ابن حنا فسعى في القضية إلى أن أبطل ذلك وناسى السلطان عليه فبقي في القاهرة يركب كل يوم ويقف في باب القرافة ويمشي قدام الصاحب إلى أن يوصله بيته وافتقر حتى لم يكن له غير البغلة لركوبه وكان له عبد يعمل بابا ويطعمه والشيخ بهاء الدين ابن النحاس يؤثره ومع ذلك فلا يحنو عليه الصاحب ولا يحن إلى الإحسان إليه حتى فاوضه الدوادار وقال له إلى متى يبقى هذا على هذه الحالة فجهز إلى مكانه بدمشق على القضاء وحضر إليه وهو بالقاهرة عز الدين محمد بن شداد بكتب فقارس من الغور وانتقالها إلى الظاهر وقد ثبتت عليه بالشام وطلب منه الإشهاد عليه بما فيها لتثبت بمصر قال كيف أشهد علي قال يأذن لك قاضي القضاة ابن رزين فقال لو كنت موليا ما كنت آذن له أفأكون مولى من جهته هذا لا يكون أبدا واطلع الظاهر على ذلك فعظم عنده وتحقق شرف نفسه وأمر له بدر الدين ببليك الخزندار تلك الأيام بألفي درهم ومائة إردب قمح فأبى من قبولها وتلطف معه مع القاصد فقال تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها ولم يقبل وأصر على الامتناع مع الفاقة الشديدة وكان له ميل إلى بعض أولاد الملوك وله فيه الأشعار الرائقة يقال إنه أول يوم جاء إليه بسط له الطرحة وقال ما عندي أعز من هذه طأ عليها ولما فشا أمرهما وعلة به أهله منعوه الركوب فقال * يا سادتي إني قنعت وحقكم * في حبكم منكم بأيسر مطلب * * إن لم تجودوا بالوصال تعطفا * ورأيتم هجري وفرط تجنبي * * لا تمنعوا عيني القريحة أن ترى * يوم الخميس جمالكم في الموكب * * لو كنت تعلم يا حبيبي ما الذي * ألقاه من ألم إذا لم تركب * * لرحمتني ورثيت لي من حالة * لولاك لم يك حملها من مذهبي) * (قسما بوجهك وهو بدر طالع * وبليل طرتك التي كالغيهب *
(٢٠٣)