فلما انصرفوا عنه دنوت منه فنهش إلي واستبشر بي وبسط وجهه فقلت له لقد تعجبت من تفاوت حالتيك فقال لي أضجرني هؤلاء بسوء أدبهم فلما جئتني أنت انبسطت إليك وأنشدتك وقد حضرني في هذا المعنى بيتان وهما * في انقباض وحشمة فإذا * رأيت أهل الوفاء والكرم * * أرسلت نفسي على سجيتها * وقلت ما شئت غير محتشم * فقال له إسحاق وددت أني قلتها بما أملك فقال ابن كناسة ما ظهر عليهما أحد فخذهما وانحلهما نفسك وقد وفر الله عليك مالك والله ما قلتهما إلا الساعة فقال استحي من نفسي أن أدعي ما لم أقل أو قال فكيف لي بعلم نفسي أنهما ليسا ليوقال إسحاق فذاكرت ابن كناسة هذين البيتين في مجلس يحيى بن معين بعد فقال لكني أنشدك اليوم * ضعفت عن الإخوان حتى جفوتهم * على غير زهد في الإخاء وفي الود * * ولكن أيامي تخرمن مدتي * فما أبلغ الحاجات إلا على جهد * وقال ابن كناسة بعدما أسن * كان سبعا مضت لي في تصعدها * إلى الثمانين كانت غدوة الغادي * * لم يبق من رمها إلا تذكرها * كالحلم في طول إفراعي وإصعادي *) وقال لما توفي إبراهيم بن أدهم * رأيتك لا يكفيك كما دونه الغنى * وقد كان يكفي دون ذاك ابن أدهما * * أخالك يحمي سيفه ولسانه * حمال ولا يفنى لك الدهر مجرما * * وكان يرى الدنيا صغيرا كبيرها * وكان لحق الله فيها معظما * * يشيع الغنى أن ناله وكأنما * يلاقي به البأساء عيسى بن مريما * * وللحلم سلطان على الجهل عنده * فما يستطيع الجهل أن يترمرما * * وأكثر ما يلقى من القوم صامتا * فإن قال بذ القائلين وأحكما * * يرى مستكينا خاشعا متواضعا * وليثا إذا لاقى الكريهة ضيغما * وقال * إذا المرء يوما أغلق الباب مرتجا * ليستر أمرا كنت كالمتغافل * * وأعرض حتى يحسب المرء أنني * جهلت الذي يأتي ولست بجاهل * * وإني لأغضي عن أمور كثيرة * وفي دونها قطع الحبيب المواصل * * حفاظا وضنا بالإخاء وعقدة * إذا ضيع الإخوان عقد الحبائل * 3 (ابن لوي)) أبو منصور البغدادي محمد بن لوي بن محمد بن عبد الله القرشي أبو منصور
(٢٦٧)