دار السلطنة يوم عيد الفطر سنة ست وست مائة كان قد أملى رسالة على تلميذه ومصاحبه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني تدل على حسن عقيدته وظنه بكرم الله تعالى ومقصده بتصانيفه والرسالة مشهورة ولولا خوف الإطالة لذكرتها ولكن منها وأقول ديني متابعة سيد المرسلين وقائد الأولين والآخرين إلى حظائر قدس رب العالمين وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما اللهم يا سامع الأصوات ويا مجيب الدعوات ويا مقيل العثرات ويا راحم العبرات ويا قيام المحدثات والممكنات أنا كنت) حسن الظن بك عظيم الرجاء في رحمتك وأنت قلتأنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا وأنت قلتأمن يجيب المضطر إذا دعاه وأنت قلتوغذا سالك عبادي عني فإني قريب فهب أني جئت بشيء فأنت الغني الكريم وأنا المحتاج اللئيم وأعلم أنه ليس لي أحد سواك ولا أحد كريم سواك ولا أحد محسن سواك وأنا معترف بالزلة والقصور والعيب والفتور فلا تخيب رجائي ولا ترد دعائي واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت وعند الموت وبعد الموت وسهل علي سكرات الموت وخفض عني نزول الموت ولا تضيق علي سبب الآلام والسقام فإنك أرحم الراحمين ثم قال في آخرها واحملوني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان وادفنوني هناك وإذا وضعتموني في اللحد فاقرؤوا علي ما تقدرون عليه من آيات القرآن العظيم ثم ردوا علي التراب بالمساحي وبعد إتمام ذلك قولوا مبتهلين إلى الله مستقبلين القبلة على هيئة المساكين المحتاجين يا كريم يا كريم يا عالما بحال هذا الفقير المحتاج أحسن إليه واعطف عليه فأنت أكرم الأكرمين وأنت أرحم الراحمين وأنت الفعال به وبغيره ما تشاء فافعل به ما أنت أهله فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة انتهى قلت ومن وقف على هذه الألفاظ علم ما كان عليه هذا الإمام من صحة الاعتقاد ويقين الدين واتباع الشريعة المطهرة * صلاة وتسليم وروح وراحة * عليه وممدود من الظل سجسج * وأكثر شناع عليه لخصومه أنه أكثر من إيراد الشبه والأدلة للخصوم ولم يجب عنها بطائل حضرت أنا والشيخ فتح الدين ابن سيد الناس رحمه الله عند الشيخ أثير الدين أبي حيان فجاء ذكر الإمام فخر الدين فذكر ابن سيد الناس أن ابن جبير ذكر عنه في رحلته قال ثم دخلت الري فوجدت ابن خطيبها قد التفت عن السنة وشغلهم بكتب ابن سينا وأرسطو فقال لي الشيخ أثير الدين وأظنه تقي الدين ابن دقيق العيديقول فخر الدين وإن كان قد أكثر من إيراد شبه الفلاسفة وملأ بها كتبه فإنه قد زلزل قواعدهم قلت الأمر كما قال لأنه إذا ذكر للفلاسفة أو غيرهم من خصومه شبهة ثم أخذ في نقضها فإما أن يهدمها ويمحوها ويمحقها وإما أن يزلزل أركانها من ذلك أنه أتى إلى شبهة الفلاسفة في أن وجود الله تعالى عين ذاته ولهم في) ذلك شبه وحجج قوية مبنية على أصولهم التي قرؤها فقال هذا كله ما نعرفه ولكن نحن نعلم قطعا أن الله تعالى موجود ونشك في ذاته ما هي فلو كان وجوده عين ذاته لما كنا نعلم وجوده من وجه ونجهله من وجه إذ الشيء
(١٧٧)