الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٤ - الصفحة ١٧٨
لا يكون في نفسه معلوما مجهولا هذا أمر قطعي فانظر إلى هذه الحجة ما أقواها وأوضحها وأجلاها كيف تهدم ما بنوه وتدكدك ما شيدوه وعلوه وما رأيت أحدا يقول إذا عابه غير ذلك ولم يأت بشيء من عنده حتى يقول كان ينبغي أن نجيب عن كذا وكذا فيكون قد استدرك ما أهمله وأغفله والأعمال بالنيات ولما مات الإمام فخر الدين خلف ثمانين ألف دينار سوى الدواب والعقار وغير ذلك وخلف ولدين الأكبر منهما تجند في حياة أبيه وخدم خوارزم شاه والآخر اشتغل ولم نعلم له ترجمة وأظنه الذي صنف له الأربعين في أصول الدين لكنه قال لأكبر أولادي محمد والله أعلم وكان الإمام في أيامه له صورة كبيرة وجلالة وافرة وعظمة زائدة ذكر ابن مسدي في معجمه عن ابن عنين رحمه الله يقول سمعت أبا المحاسن محمد بن نصر الله ابن عنين رحمه الله يقول كنت بخراسان في مجلس الفخر الرازي إذ أقبلت حمامة يتبعها جارح فسقطت في حجر الرازي وعاذت به وهو على منبره فقمت وأنشدت بديها * يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا * في كل مسغبة وثلج خاشف * * والعاصمين إذا النفوس تطايرت * بين الصوارم والوشيج الراعف * * من نبأ الورقاء أن محلكم * حرم وأنك ملجأ للخائف * * وافت إليك وقد تدانى حتفها * فحبوتها ببقائها المستأنف * * ولو أنها تحبى بمال لانثنت * من راحتيك بنائل متضاعف * * جاءت سليمان الزمان حمامة * والموت يلمع من جناحي خاطف * فخلع عليه جبة كانت عليه قال فكان هذا سببا لإقبال السعود علي وتسني الآمال لدي انتهى واقترح الإمام عليه قصيدة في كل كلمة منها سين فنظمها ابن عنين وأولها * مرسى السيادة سنة سيفية * محروسة مسعودة التأسيس * واقترح عليه قصدة أخرى في كل كلمة منها حاء فنظمها أيضا وأولها * حيى محل الحاجبية بالحمى * والسفح سيح مدلح سحاح * والقصيدتان مثبتتان في ديوانه ومدحه بقصيدة سيرها إليه من نيسابور منها) * من دوحة فخرية عمرية * طابت مغارس مجدها المتأثل * * مكية الأنساب زاك أصلها * وفروعها فوق السماك الأعزل * * بحرا تصدر للعلوم ومن رأى * بحرا تصدر قبله في محفل *
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»