الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٤ - الصفحة ١٢٢
قال يوما أحسن ما قيل في الرأي قول ابن حيوس * ولو شيب ماء البحر بالدم لاغتدى * يفصل بين الماء بالرأي والدم *) فقال أبو بكر المبارك بن المبارك بن سعيد الواسطي النحوي قوله لو شيب يجعل نفسه بالمرصاد لهذا ولو قال لو أراد لفعل كذا لكان أحسن ثم قوله بين الماء والدم هما جنسان مختلفان فقال شيخ الشيوخ عبد الرحيم صدقت وإنما القول قول المتنبي * قاض إذا اشتبه الأمران عن له * رأي يفرق بين الماء واللبن * فقال أبو بكر هذا أحسن ولكن قال بين الماء واللبن وأنا أفصل بين الماء واللبن بأن أغمس فيه البردي ثم أعصره فلا يشرب إلا الماء ثم نظمت بيتين لم يلحق المتنبي غبارهما وهما * ولو وقعت في لجة البحر قطرة * من المزن يوما ثم لو شاء مازها * * ولو ملك الدنيا فأضحى ملوكها * عبيدا له في الشرق والغرب مازها * القاضي محيي الدين ابن الزكي محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي قاضي قضاة الشام محيي الدين أبو المعالي ابن قاضي القضاة زكي الدين أبي الحسن ابن قاضي القضاة المنتخب أبي المعالي ابن قاضي القضاة الزكي أبي المفضل القرشي الدمشقي الشافعي ولد سنة خمسين وخمس مائة وقرأ المذهب على جماعة وسمع والده وجماعة وهو من بيت القضاء والحشمة والأصالة والعلم وكان حسن اللفظ والخط شهد فتح القدس مع السلطان صلاح الدين وكان له يومئذ ثلاث وثلاثون سنة واسمه على قبة النسر في التثمين بخط كوفي أبيض وخطب أول جمعة في القدس تلك الخطبة البليغة ولم يكن استعد لها بل خرج إليه وقد أذن المؤذنون على السدة رسالة السلطان أن يخطب ويصلي بالناس وهذا مقام صعب وقد ذكرها ابن خلكان في تاريخه وجرت له قضية مع الإسماعيلية بسبب قتل شخص منهم فلذلك فتح له باب سر إلى الجامع من داره التي بباب البريد لأجل صلاة الجمعة وكان ينهى عن الاشتغال بكتب المنطق والجدل وقطع مجلدات في مجلسه من ذلك وكان قد تظاهر بترك النيابة عن القاضي ابن أبي عصرون فأرسل إليه السلطان صلاح الدين مجد الدين ابن النحاس والد العماد عبد الله الراوي وأمره أن يضرب علي علامته في مجلس حكمه فلزم بيته حياء واستناب ابن أبي عصرون الخطيب ضياع الدين الدولعي وأرسل إليه الخليفة بالنيابة مع البدر يونس الفارقي فرده وشتمه فأرسل إلى جمال الدين ابن الحرستاني) فناب عنه ثم توفي ابن أبي عصرون وولي محيي الدين القضاء وعظمت رتبته عند صلاح الدين وسار إلى مصر رسولا من الملك العادل إلى العزيز ومكاتبات القاضي الفاضل إليه مجلدة كبيرة ولما فتح السلطان مدينة حلب سنة تسع وسبعين وخمس مائة أنشده القاضي محيي الدين قصيدة بائية أجاد فيها ومنها
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»