3 (ابن جعفر)) محمد بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم كان مع أخيه محمد بن أبي بكر الصديق فلما هزم ابن أبي بكر اختفى فدل عليه رجل من عك ثم من غافق فلحق بفلسطين فلجأ إلى رجل من أخواله خثعم فأرسل معاوية إليه أن يوجه به إليه فمنعه فقال محمد * لو لم تلدني الخثعمية لم يكن * لصهري جد في قريش ولا ذكر * * لعمري للحيان عك وغافق * أذل لوطئ الناس من خشب الجسر * * أجرتم فلما أن أجرتم غدرتم * ولن تجد العكى إلا على غدر * محمد بن جعفر بن عبيد الله بن العباس كان صاحب مروءة وفضل متصديا لقضاء حوايج الناس جوادا عاقلا سمحا وكانت له من المنصور منزلة ويعجب به ويلتذ بمحادثته وكان مكانته من المنصور يفزع الناس إليه بحوايجهم فلما افرط في ذلك حجبه المنصور عنه أياما ثم اشتاق إلى محادثته فقال يا ربيع أن جميع اللذات عندي قد اخلقن إلا محادثة محمد ومؤانسته وقد كدرها علي بما يحملني من حوايج الناس فاحتل عليه لعله يقصر من ذلك فجاء الربيع إلى محمد وعاتبه واتفقا على أنه لا يحمل لأحد قصته فلما غدا إلى المنصور بلغ الناس خبره فوقف له أرباب الحوايج على الطرق وبأيديهم الرقاع فاعتذر إليهم فالحوا عليه فقال لست أكلم أمير المؤمنين في حاجة فإن أحببتم أن تودعوا رقاعكم كمي فافعلوا فقذفوا بالرقاع في كمه ودخل على المنصور وهو في القبة فعاتبه وتحادثا ساعة وكان المنصور يشرف على دجلة والفرات والبساتين والمزارع فقال له ما ترى ما أحسن مشترفنا فقال محمد يا أمير المؤمنين ما بنت العرب والعجم في الإسلام والكفر مدينة أحسن منها ولا أحصن ولا اجمع لخصال الخير لكن ليس لي فيها ضيعة فقال اقطعتك ثلث ضياع في أكنافها فاغد على أمير المؤمنين ليسجل لك بها فبينا هو يحادثه إذ بدت الرقاع من كمه فضحك المنصور فقال له ما هذه فأخبره الخبر فقال له المنصور أبيت يا ابن معلم الخير إلا كرما ثم أمره فنثرها بين يديه فوقع عليها وقضى حوايج أربابها وتمثل بقول الشاعر
(٢١٥)