تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ١١٠
وكان كثير التردد على مغارة الدم، ومغارة الجوع، وكهف جبريل وكان يقصد زيارة قبر والده وجده بعد العصر في كل جمعة، ويقرأ ' يس ' و ' الواقعة ' وما تيسر، ويهديه ويدعو للمسلمين.
وحدثني التاج عبد الدائم بن أحمد بن عبد الدائم أن شيخنا رحل إلى يونين وأقام بها أربعين يوما يعبد الله ويسأله ويتضرع إليه. وكان معه العز أحمد بن العماد.
قال: وأملى علينا الإمام مفتي الشام محيي الدين يحيى النواوي بدار الحديث، قال: شيخنا الإمام العلامة، ذو الفنون من أنواع العلوم والمعارف، وصاحب الأخلاق الرضية، والمحاسن واللطائف، أبو الفرج، وأبو محمد، عبد الرحمن ابن أبي عمر المقدسي سمع الكثير، وسمعه، وأسمع قديما في حياة شيوخه.
وهو الإمام المتفق على إمامته وبراعته وورعه وزهادته وسيادته، ذو العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة.
قال: وثنا الإمام أبو إسحاق اللوري المالكي قال: كان شيخنا شيخ الإسلام، قدوة الأنام، حسنة الأيام، الرباني، شمس الدين عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام أبي عمر ممن تفتخر به دمشق على سائر البلدان، بل يزهو به عصره على متقدم العصور والأزمان، لما جمع الله له من المناقب والفضائل والمكارم التي أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل، منها التواضع، مع عظمته في الصدور، وترك التنازع فيما يفضي على التشاجر والنفور، والاقتصاد في كل ما يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة في كلامه ولا تبعة، ولا تعظم في نفسه ولا تجبر، ولا شطط في تلبسه ولا تكبر، ومع هذا فكانت له صدور المجالس والمحافل، وإلى قوله المنتهى في الفصل بين العشائر والقبائل مع ما أمده الله تعالى به من سعة العلم [وما] فطره عليه من الرأفة والحلم، ألحق الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث إلى أن كان لا يوفر جانبه عمن اعتمده
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»