تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ١١١
مسلما كان أو ذميا، ينتاب بابه الأمراء والملوك، فيساوي في إقباله عليهم بين المالك والمملوك.
وسمعت فخر الدين عمر بن يحيى الكرخي يقول: يا أخي، الشيخ أشهر من أن يوصف، بل أقول تعذر وجود مثله في أعصار كثيرة على ما بلغني من سيرة العلماء.
ولي الشيخ قضاء القضاة في جمادى الأولى سنة أربع وستين على كره منه، سمعت العماد يحيى بن أحمد الحسني الشريف يقول: الشيخ عندي في الرتبة على قدم أبي بكر، والشيخ زين الدين الزواوي على قدم عمر، فما رأت عيني مثلهما.
وقال أيضا: كان الشيخ، والله، رحمة على المسلمين، ولولاه راحت أملاك الناس لما تعرض إليها السلطان ركن الدين، فقام فيها مقام المؤمنين الصديقين، وأثبتها لهم، وبذل مجهوده معهم، وعاداه جماعة الحكام، وعملوا في حقه المجهود، وتحدثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله عليهم بحسن نيته. يكفيه هذا عند الله تعالى.
سمعت الإمام عماد الدين محمد بن عباس بن أحمد الربعي بالبيمارستان النوري يقول: رحمة الله على الشيخ شمس الدين، كان كبير القدر، جعله الله تعالى رحمة على المسلمين، ولولاه كانت أملاك الناس أخذت منهم.
ثم ساق ابن الخباز ثناء جماعة كبيرة من الفضلاء على الشيخ، وساق فصلا طويلا في نحو مائتي ورقة، فيه منامات مرئية من عدد كثير للشيخ، كلها يدل على حسن حاله، وأنه من أهل الجنة.
وقد أثنى عليه الشيخ قطب الدين وقال: ولي القضاء مكرها، وباشرها مدة، ثم عزل نفسه، وتوفر على العبادة والتدريس والتصنيف وكان أوحد زمانه في تعدد الفضائل، والتفرد بالمحامد. وحج غير مرة. ولم يكن
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»