تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ١٠٨
بترجمة الشيخ، والباقي في ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم لكون الشيخ من أمته، وفي ترجمة الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه، وهلم جرا إلى زمان الشيخ.
وذكر أنه حج ثلاث مرات، الأولى سنة تسع عشرة، والثانية سنة إحدى وخمسين، وحج معه شيخنا تقي الدين سليمان، وكانت وقفة الجمعة، والثالثة سنة ثمان وسبعين لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبه في المنام، فقام بذلك.
وحضر من الفتوحات: الشقيف في سنة ست وأربعين، وصفد في سنة أربع وستين، والشقيف ويافا سنة ست وستين، وحصن الأكراد سنة تسع وستين.
وكان كثير الذكر والتلاوة، سريع الحفظ، مليح الخط بمرة، يصوم الأيام البيض، وعشر ذي الحجة، والمحرم. وكان رقيق القلب، غزير الدمعة، سليم القلب، كريم النفس، كثير القيام بالليل، والاشتغال بالله، محافظا على صلاة الضحى، ويصلي بين العشاءين ما تيسر. وكان يبلغه الأذى من جماعة فما أعرف أنه انتصر لنفسه.
وكان تأتيه صلات من الملوك والأمراء فيفرقها على أصحابه وعلى المحتاجين.
وكان متواضعا عند العامة، مترفعا عند الملوك. حسن الاعتقاد، مليح الانقياد، كل العالم يشهد بفضله، ويعترف بنبله.
وكان حسن المحاورة، طريف المجالسة، محبوب الصورة، بشوش الوجه، صاحب أناة، وحلم، ووقار، ولطف، وفتوة، وكرم. وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والمحدثين وأهل الدين. وكان علامة وقته، ونسيج وحده، وريحانة زمانه، قد أوقع الله محبته في قلوب الخلق. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ولم أر أحدا يصلي صلاة أحسن منه، ولا أتم خشوعا. وكان يدعو بدعاء حسن بعد قراءتهم لآيات الحرس بالجامع بعد العشاء.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»