تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٨ - الصفحة ٣٧٣
تلتفت إلى شيء من هذه الأحوال. إلى أن قال لي ليلة إنه سيحدث لك في هذه الليلة أمر عجيب، فلا تجزع. فذهبت إلى أمي، وكانت ضريرة، فسمعت صوتا من فوقي، فرفعت رأسي، فإذا نور كأنه سلسلة متداخل بعضه في بعض، فالتف على ظهري حتى أحسست ببرده في ظهري. فرجعت إلى الشيخ فأخبرته، فحمد الله وقبلني بين عيني وقال: الآن تمت عليك النعمة يا بني:
أتعلم ما هذه السلسلة؟ قلت: لا. فقال: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأذن لي في الكلام حينئذ.
قال: وسمعت غير واحد ممن صحبه يقول: لو لم يؤذن لي في الكلام ما تكلمت.
قال: وسمعته يوما يقول: وأنا ابن ست سنين وهو يقول لزوجته: ولدك قد أخذه قطاع الطريق في هذه الساعة، وهم يريدون قتله وقتل رفاقه. فراعها ذلك، فسمعته يقول لها: لا بأس عليك، فإني قد حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه، غير أن مالهم يذهب، وغدا إن شاء الله يصل هو ورفاقه. فلما كان من الغد وصلوا، وكنت فيمن تلقاهم، وذلك في سنة ست وخمسين وستمائة.
قال: وحدثني الشيخ شمس الدين الخابوري قال: وقع في نفسي أن أسأل الشيخ - وكان الخابوري من مريدي الشيخ أبي بكر - عن الروح، فلما دخلت عليه قال لي من غير أن أسأله: يا أحمد ما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى يا سيدي. قال: إقرأ يا بني * (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) *. يا بني شيء لم يتكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز لنا أن نتكلم فيه.
وحدثني الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طالب البطائحي قال: كان الشيخ يقف على حلب ونحن معه ويقول: والله إني لأعرف أهل اليمين من أهل الشمال منها، ولو شئتم لسميتهم، ولكن لم نؤمر بذلك، ولا يكشف سر الحق في الخلق.
وحدثني الشيخ الإمام شمس الدين الخابوري قال: سألت الشيخ عن
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»