تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٨ - الصفحة ٣٧٤
قوله تعالى: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) *، وقد عبد عزير وعيسى؟ فقال: تفسيرها * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) *.
فقلت: يا سيدي أنت لا تعرف تكتب ولا تقرأ، فمن أين لك هذا؟ قال:
يا أحمد، وعزة المعبود لقد سمعت الجواب فيها كما سمعت سؤآلك.
وحدثني شمس الدين الخابوري خطيب حلب، قال: كنا نمر مع الشيخ، فلا يمر على حجر ولا شيء إلا سلم عليه. فكان في نفسي أن أسأل الشيخ عن خطاب هذه الأشياء له، هل يخلق الله لها في الوقت لسانا تخاطبه به، أو يقيم الله إلى جانبها من يخاطبه عنها، ففاتني ولم أسأله عن ذلك.
وحدثني الإمام الصاحب محيي الدين ابن النحاس قال: كان الشيخ يتردد إلى قرية تريذم، وكان لها مسجد صغير لا يسع أهلها، فخطر لي أن أبني مسجدا أكبر منه شمالي القرية. فقال لي الشيخ ونحن جلوس في المسجد:
يا محمد يا محمد، لم لا تبني مسجدا يكون أكبر من هذا؟ فقلت: قد خطر لي هذا. فقال: لا تبنه حتى توقفني على المكان. قلت: نعم. فلما أردت أن أبني جئت إليه، فقام معي، وجئنا إلى المكان الذي خطر لي فقلت: هنا. فرد كمه على أنفه وجعل يقول: أف أف، لا ينبغي أن يبنى هنا مسجد فإن هذا المكان مسخوط على أهله، مخسوف بهم. فتركته ولم أبنه.
فلما كان بعد مدة احتجنا إلى استعمال لبن من ذلك المكان، فلما كشفناه وجدناه نواويس مقلبة على وجوهها.
حدثني الشيخ الصالح محمد بن ناصر المشهدي قال: كنت عند الشيخ وقد صلى صلاة العصر، وصلى معه خلق، فقال له رجل: يا سيدي ما علامة الرجل المتمكن؟ فقال: علامة الرجل المتمكن أن يشير إلى هذه السارية فتشتعل نورا.
قال: فنظر الناس إلى السارية، فإذا هي تشتعل نورا، أو كما قال.
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»