تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٨ - الصفحة ٣٧٧
فقالت: عندي دابة قد ماتت، وما لي من يجرها عني. فقال: امض وحصلي لي حبلا حتى أبعث من يجرها. فمضت وفعلت، فجاء بنفسه وربط الحبل في الدابة، وجرها إلى باب البلد، فجروها عنه.
وكان متواضعا لا يركب فرسا ولا بغلة، بل لما كبر كان يركب حمارا، ويمنع من أن يوطأ عقبه. وكان دأبه جبر قلوب الضعفاء من الناس. وكان في الزاوية شيخ كبير به قطار البول، فكان يبدد الصاغرة من تحته.
وكان لا يمكن أحدا من تقبيل يده، ويقول: من مكن أحدا من تقبيل يده نقص من حاله شيء.
وكان لا يقبل إلا ممن يعرف أنه طيب الكسب.
وحدثني الإمام شمس الدين الدباهي قال: حدثني الشيخ عبد الله كشلة قال: قدمت على الشيخ أبي بكر بمنزله ببالس، فلما رأيته هبته، وعلمت أنه ولي الله، ورأيته يحضر السماع بالدف، وكنت أنكره، غير أني كنت أحضر السماع بغير الدف، وقلت في نفسي: إن حضرت مع هذا الولي وحصل مني إنكار عليه حصل لي أذى. وخشيت من قلبه، فغبت ولم أحضر.
توفي الشيخ في سلخ رجب سنة ثمان وخمسين بقرية علم ودفن بها.
فأخبرني والدي أن أباه أوصى أن يدفن في تابوت وقال: يا بني أنا لا بد أن أنقل إلى الأرض المقدسة. فنقل بعد اثنتي عشر سنة، وسرت معه إلى دمشق، وشهدت دفنه، وذلك في تاسع المحرم سنة سبعين. ورأيت في سفري معه عجائب، منها أنا كنا لا نستطيع غالب الليل أن نجلس عنده لكثرة تراكم الجن عليه وزيارتهم له.
قلت: وقبره ظاهر يزار بزاوية ابن ابنه الشيخ القدوة العارف شيخنا أبي عبد الله محمد بن عمر، نفع الله ببركته.
476 - أبو علي بن محمد بن الأمير أبي علي بن باساك.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»