تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٧ - الصفحة ٣٤
ثم بعد يومين زحفنا عليهم. ثم أخذوا الثقوب منا وهرب أصحابنا منها، ثم من الغد استعدناها منهم.
وفي سادس عشر الشهر أحرقنا البرج فنقبوه من عندهم وأطفأوا النار. ثم تقور البرج من الغد، ووقع على اثني عشر فارسا منهم، فأخرجهم أصحابنا وغنموا سلبهم.
ثم جاءتهم سبع مراكب كبار.
قال: وحجر المنجنيق المغربي الذي لنا وزنه قنطار وربع بالشامي. وطال الحصار وقفز غير واحد، وقفز فارسان من الفرنج فخلع عليهما فخر الدين. وذكروا أن الخلف وقع بين الإسبتار والغرب. وانسلخت الباشورة فمات تحتها ثمانية أنفس.
وليلة الخميس ثاني وعشرين جمادى الآخرة طلع أصحابنا من البرج المنقوب وملكوه وصاحوا، فضربنا الكوسات في الليل، وعلت الصيحات، وتكاثر الناس، فاندهش الفرنج وخذلوا، وهربوا إلى المراكب وإلى الأبراج واحتموا بها. ودخل المسلمون القلعة في الليل وبذلوا السيف، وربما قتل بعضهم بعضا لكثرة العالم وظلمة الليل وللكسب. ولم يزالوا ينقلون ذخائرها وأسلحتها طوال الليل. ودخلها من الغد الأمير فخر الدين، وأعطى من في الأبراج أمانا على أنفسهم دون أموالهم. وكان فيهم ثلاثة أمراء معتبرين، وكانت الأسرى مائتين وستين أسيرا، ووجدنا غرقى) وأيدي مقطعة في البحر وسببه تعلقهم بالمراكب للهرب، فيخاف الآخرون لا تغرق المراكب، فيضربون بالسيوف على أيديهم يقطعونها.
ثم شرعنا في خراب القلعة، ورحلنا وقد تركناها مأوى للبوم والغربان، ومساكن الأراوي والغزلان، فسبحان الباقي الديان.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»