تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٢٧١
قال: وحاصل الأمر أنه تمتع من الدنيا، ونال منها ما لم ينله غيره. قال: وولد بدمشق في المحرم سنة أربعين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين.
قلت: ولما افتتح ولده إقليم أرمينية فرح العادل فرحا عظيما، وسير أستاذ داره ألدكز، وقاضي العسكر نجم الدين خليل إلى الخليفة يطلب التقليد بمصر والشام وخلاط وبلاد الجزيرة، فأكرما، وأرسل إليه الشيخ شهاب الدين السهروردي بالتشريف، ومر بحلب ووعظ بها، واحترمه الظاهر، وبعث معه بهاء الدين ابن شداد بثلاثة آلاف دينار ينثرها إذا لبس العادل الخلعة. وتلقاه العادل إلى القصر، وكان يوما مشهودا ثم من الغد أفيضت عليه الجلع وهي: جبة سوداء بطراز ذهب، وعمامة سوداء بطراز ذهب، وطوق ذهب فيه جوهر. وقلد بسيف محلى جميع قرابه بذهب، وحصان أشهب بمركب ذهب، وعلم أسود مكتوب فيه بالبياض ألقاب الناصر لدين الله.) ثم خلع السهروردي على المعظم والأشرف، لكل واحد عمامة سوداء، وثوب أسود واسع الكم.
وخلع على الصاحب ابن شكر كذلك، ونثر الذهب من رسل صاحب حلب وحماة وحمص، وغيرهم. وركب الأربعة بالخلع، ثم عادوا إلى القلعة. وقرأ ابن شكر التقليد على كرسي وخوطب العادل فيه بشاه أرمن ملك الملوك خليل أمير المؤمنين. ثم توجه السهروردي إلى مصر، وخلع على الكامل.
وفيها أمر السلطان بعمارة قلعة دمشق، وألزم كل واحد من ملوك أهل بيته بعمارة برج. أعني في سنة أربع وستمائة.
وقال الموفق عبد اللطيف في سيرة العادل: كان أصغر الإخوة، وأطولهم عمرا، وأعمقهم فكرا، وأنظرهم في العواقب، وأشدهم إمساكا، وأحبهم للدرهم. وكان فيه حلم، وأناة، وصبر على الشدائد، وكان سعيد الجد، عالي الكعب، مظفرا بالأعداء من قبل السماء.
(٢٧١)
مفاتيح البحث: الشام (1)، دمشق (2)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»