تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٢٧٣
يضجر منهم، وهم عنده في حظوة. وكان يواظب على خدمة أخيه صلاح الدين يكون أول داخل وآخر خارج وبهذا جلبة، فكان يشاوره في أمور الدولة لما جرب من نفوذ رأيه.
ولما تسلطن الأفضل بدمشق، والعزيز بمصر، قصد العزيز دمشق، وذاق جنده عليها شدائد، فرحل عنها، ثم حاصرها نوبة ثانية ومعه عمه العادل فأخذها، وعوض الأفضل بصرخد، ولم يزل العادل يفتل في الذروة والسنام، حتى أقطعه العزيز دمشق وهي السبب في أن تملك البلاد كلها. وأعطى ابن أبي الحجاج يعني كاتب الجيش لما جاءه بمنشورها ألف دينار. ثم أخذ يدقق الحيلة حتى يستبينه العزيز على مصر، ويقيم هو بدمشق يتمتع في بساتينها، بعض أصحابه فرمى قلنسوته بين يديه، وقال: ألم يكفك أنك أعطيته دمشق، حتى تعطيه مصر فنهض العزيز لوقته على غرة ولحق بمصر. ثم شغب الجند، وجرت أمور إلى أن اجتمع الأفضل والعادل، وقصدا مصر، وخامر جميع الأجناد على الملك العزيز، وصاروا إلى الأفضل والعادل، حتى خلت مصر والقاهرة منهم، وتهدمت دولة العزيز، ثم أصبحت، وقد عادت أحسن مما كانت، وصار معه كل من كان عليه، ورجع الملك العادل في خدمته، ورد الأفضل إلى الشام.
ثم إن العادل توجه إلى الشام، وحشد وعبر الفرات، ونازل قلعة ماردين يحاصرها، وبذل الأموال، وأخذ الربض. ثم إن الملك الأفضل وجد فرصة ونزل هو وأخوه الملك الظاهر صاحب حلب، على دمشق يوم الثلاثاء فأصبح الملك العادل خارجا من أبواب دمشق، فانقطعت قلوبهم، وتعجبوا متى وصل وكان لما سمع بنزولهم، استناب ابنه الكامل، وسار على النجائب في البرية فلحق دمشق قبل نزولهم بليلة، ومع هذا فضايقوه. وكان أكثر أهل المدينة معهم عليه إلى أن اختلف الإخوان أيهما يملكها وتنافسا فتقاعسا. ورحل الملك الظاهر فضعف الأفضل،) ورحل. وبلغت نفقة العادل عليها وعلى ماردين ألف ألف دينار.
وسعد العادل بأولاده: فمن ذلك أمر خلاط فإن ملكها شاه أرمن ملك مملوكه بكتمر، ومات بعد صلاح الدين بنحو شهرين قتله الملاحدة. وملك بعده هزار ديناري مملوكه وبقي قليلا، ومات.
وتملك بعده ولد بكتمر، وكان
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»