تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٢٧٥
وكان قد عرض له قبل ذلك ضعف، ورعشة، وصار يعتريه ورم الأنثيين، فلما هزته الخيل على خلاف العادة، ودخله الرعب، ولم يبق إلا مدة يسيرة، ومات بظاهر دمشق.
وكان مع حرصه يهين المال عند الشدائد غاية الإهانة، ويبذله. وشرع في بناء قلعة دمشق، فقسم أبرجتها على أمرائه وأولاده، وكان الحفارون يحفرون الخندق، ويقطعون الحجارة، فخرج من تحته خرزة بئر فيها مائة معين.
ومن نوادره: أن عنتر العاقد بلغه أن شاهدا شهد على القاضي زكي الدين الطاهر بقضية مزورة فتكلم عنتر في الشاهد وجرحه، فبلغ العادل. فقال: من عادة عنتر الجرح.
وتوضأ مرة، فقال: اللهم حاسبني حسابا يسيرا. فقال رجل ماجن له: يا مولانا إن الله قد يسر حسابك. قال: ويلك وكيف ذلك قال: إذا حاسبك فقل له: المال كله في قلعة جعبر لم أفرط منه في قليل ولا كثير وقد كانت خزانته بالكرك ثم نقلها إلى قلعة جعبر وبها ولده الملك الحافظ، فسول له بعض أصحابه الطمع فيها، فأتاها الملك العادل ونقلها إلى قلعة دمشق، فحصلت في قبضة المعظم فلم ينازعه فيها إخوته.
وقيل: إن المعظم هو الذي سول لأخيه الحافظ الطمع والعصيان، ففعل، ولم يفطن بأنها مكيدة لترجع الأموال إليه. ثم إنه أخرج سراري أبيه من دمشق واستصفى أموالهم وحليهم، وشرع يضع على أملاك دمشق القطائع والخراجات الثقيلة والخمس على البساتين، والثمن على المزروعات.
قرأت بخط الكندي في تذكرته حدثنا شرف الدين ابن فضل الله سنة اثنتي عشرة بدمشق، حدثنا والدي أن القاضي بهاء الدين إبراهيم بن أبي اليسر، حدثه، قال: بعثني الملك العادل رسولا إلى علاء الدين سلطان الروم، فبالغ في إكرامي، فجرى ذكر الكيمياء، فأنكرتها، فقال: ما أحدثك إلا ما تم لي وقفلي رجل مغربي، فسلم علي، وكلمني في هذا، فأخذته، وطلب مني أصنافا عينها، فشرع يعمل لي ذهبا كثيرا حتى أذهلني. ثم بعد مدة طلب مني إذنا في
(٢٧٥)
مفاتيح البحث: دمشق (6)، الشهادة (2)، الخمس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»