تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٤٥٥
يحسدونه. فهل في هذه البلاد أرفع منك قال: لا. فقلت: هذا الرجل أرفع العلماء. فقال: جزاك الله خيرا كما عرفتني هذا.
وقال أبو المظفر بن الجوزي في تاريخه: اجتمع قاضي دمشق محيي الدين والخطيب ضياء الدين جماعة، وصعدوا إلى متولي القلعة أن عبد الغني قد أضل الناس ويقول بالتشبيه، فعقدوا له مجلسا وأحضروه، فناظرهم، وأخذوا عليه مواضع، منها قوله: لا أنزهه تنزيها ينفي حقيقة النزول ومنها: كان الله ولا مكان، وليس هو اليوم على ما كان. ومنها مسألة الحرف والصوت.
فقالوا: إن لم يكن على ما كان، فقد أثبت له المكان. وإذا لم تنزه تنزيها ينفي عنه حقيقة النزول فقد أجزت عليه حقيقة الانتقال. وأما الحرف والصوت فإنه لم يصح عن إمامك فيه شيء وإنما المنقول عنه أنه كلام الله لا غير.
وارتفعت الأصوات، فقال له صارم الدين بزغش والي القلعة: كل هؤلاء على ضلالة، وأنت على الحق قال: نعم. فأمر الأسارى، فنزلوا فكسروا منبره، ومنعوا الحنابلة من الصلاة، ففاتتهم صلاة الظهر.
وقال أبو المظفر في مكان آخر: اجتمع الشافعية، والحنفية، والمالكية. بالملك المعظم بدار العدل، وكان يجلس بها هو والصارم بزغش، فكان ما اشتهر من أمر عبد الغني الحافظ، وإصراره على ما ظهر من اعتقاده، و إجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره، وأنه مبتدع لا يجوز أن يترك بين المسلمين، فسأل أن يمهل ثلاثة أيام لينفصل عن البلد، فأجيب.
قلت: قوله وإجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره كلام ناقص، وهو كذب صريح، وإنما أفتى بذلك بعض الشافعية الذين تعصبوا عليه، وأما الشيخ
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»