تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٤٥١
سمعت محمود بن سلامة الحراني بإصبهان قال: كان الحافظ بإصبهان فيصطف الناس في السوق ينظرون إليه. ولو أقام بإصبهان مدة وأراد أن يملكها لملكها. يعني من حبهم له ورغبتهم فيه.
قال الضياء: ولما وصل إلى مصر أخيرا كنا بها، فكان إذا خرج يوم الجمعة إلى الجامع لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلق، يتبركون به، ويجتمعون حوله. وكان سخيا، جوادا، لا يدخر دينارا و لا درهما. ومهما حصل له أخرجه. ولقد سمعت عنه أنه كان يخرج في بعض الليالي بقفاف الدقيق إلى بيوت المحتاجين، فإذا فتحوا له ترك ما معه ومضى لئلا يعرف. وكان يفتح له بشيء من الثياب والبرد، فيعطيه للناس، وربما كان عليه ثوب مرقع.
قال لي خالي الموفق: كان جوادا، يؤثر بما تصل يده إليه سرا وعلانية.
وقال عبد الجليل الجيلاني: كنت في مسجد الوزير، فبقيت ثلاثة أيام ما لنا شيء، فلما كان العصر يوم الجمعة سلمت على الحافظ، ومشيت معه إلى خارج باب الجامع فناولني نفقة، فإذا هي نحو خمسين درهما.
وسمعت بدر بن محمد الجزري قال: ما رأيت أحدا أكرم من الحافظ عبد الغني، قد أوفى عني غير مرة.
سمعت سليمان بن إبراهيم الأسعردي يقول: بعث الملك الأفضلي إلى الحافظ بن فقهة وقمح كثير. ففرقه كله، ولم يترك شيئا.
سمعت أحمد بن عبد الله العراقي: حدثني منصور قال: شاهدت الحافظ في الغلاء بمصر، وهو ثلاث ليال يؤثر بعشائه ويطوي.
سمعت الفقيه مقصد بن لعي بن عبد الواحد المصري قال: سمعت أن الحافظ كان زمان الغلاء يؤثر بعشائه. يعني غلاء مصر.
قال الضياء: وقد فتح له بمصر أشياء كثيرة من الذهب وغير ذلك، فما كان يترك شيئا.)
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»