أحسن قيام. وولي حسبة بغداد سنة أربع وستمائة. ثم ترسل عن الخلفاء، وتقلبت به ا لأحوال حتى بلغ أشرف مآل إلى سنة أربعين وستمائة. ثم ولي أستاذ دارية الخلافة.
وكان لجدي ولد اسمه عبد العزيز، وهو أبكر أولاده. سمع معه من ابن ناصر، وأبي الوقت، والأرموي، وسافر إلى الموصل، فوعظ بها سنة بضع خمسين، وحصل له القبول التام، ومات بها شابا.
وكان له بنات منهن أمي رابعة، وشرف النساء، وزينب، وجوهرة، وست العلماء الكبرى، وست العلماء الصغرى.
قلت: ومع تبحر ابن الجوزي في العلوم، وكثر اطلاعه، وسعة دائرته، ولم يكن مبرزا في علم من العلوم، وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلم. ومع أنه كان مبرزا في التفسير،) والوعظ، والتاريخ، ومتوسطا في المذهب، متوسطا في الحديث، له اطلاع تام على متونه. وأما الكلام على صحيحه وسقيمه، فما له فيه ذوق المحدثين، ولا نقد الحفاظ المبرزين. فإنه كثير الاحتجاج الأحاديث الضعيفة، مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات. والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها، ولا ذكرها في الموضوعات.
وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حسانا قوية.
ونقلت من خط السيف أحمد بن المجد، قال: صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات، فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل والعقل. ومما لم يصب فيه إطلاق الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها، كقوله: فلان ضعيف، أوليس بالقوي، أو لين، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه، ولا فيه مخالفة ولا معارضة لكتاب ولا سنة لا إجماع، ولا حجة بأنه موضوع، سوى كلام ذلك الرجل في رواية، وهذا عدوان ومجازفة. وقد كان أحمد بن حنبل يقدم الحديث الضعيف على القياس.