4 (منازلة الكرك)) وأما ابن الأثير فقال: نازل الكرك، ونصب المنجنيقات على ربضه وملكه، وبقي الحصن وهو والربض على سطح واحد، إلا أن بينهما خندقا عظيما، عمقه نحو ستين ذراعا، فأمر السلطان بإلقاء الأحجار والتراب فيه ليطمه، فلم يقدروا على الدنو منه لكثرة النشاب وأحجار المجانيق، فأمر أن يبنى من الأخشاب واللبن ما يمكن للرجال يمشون تحت السقائف، فيلقون في الخندق ما يطمه، ومجانيق المسلمين مع ذلك ترمي الحصن ليلا ونهارا، فاجتمعت الفرنج عن آخرها، وساروا عجلين، فوصل صلاح الدين إلى طريقهم يتلقاهم، فقرب منهم، ولم يمكن الدنو منهم لخشونة الأرض وصعوبة المسلك، فأقام ينتظر خروجهم إليه، فلم يبرحوا منه، فتأخر عنهم، فساروا إلى الكرك، فعلم صلاح الدين أنه لا يتمكن منهم حينئذ، ولا يبلغ غرضه، فسار إلى نابلس، ونهب كل ما على طريقه من قرى الفرنج، وأحرق نابلس وأسر وسبى، واستنقذ الأسرى. وبث السرايا يمينا وشمالا.
4 (خروج ابن غانية الملثم بالمغرب)) قال: وفي شعبان خرج ابن غانية الملثم وهو علي بن إسحاق، من كبار الملثمين الذين كانوا ملوك المغرب، وهو حينئذ صاحب ميورقة، إلى بجاية فملكها بقتال يسير. وذلك إثر موت يوسف بن عبد المؤمن، فقويت نفس ابن غانية وكثر جموعه، ثم التقاه متولي بجاية، وكان غائبا عنها. وكسر على متولي بجاية، وانهزم إلى مراكش، واستولى ابن غانية على أعمال بجاية