تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٠ - الصفحة ٥٩
وأكمل، وأن القلب به أروح، وأن الروح به أقبل. فدمشق عاشقها مستهام، وما على محبها ملام. وما في ربوتها ريبة، ولكل نور فيها شيبة، وساجعاتها على منابر الورق خطبا قطرب، وهزاراتها وبلابلها تعجم وتعرب، وكم فيها من جواري ساقيات، وسواقي جاريات، وأثمار بلا أثمان، وفاكهة ورمان، وخيرات حسان، وكونه تعالى أقسم به فقال: والتين والزيتون يدل على فضله المكنون. وقال صلى الله عليه وسلم: الشام صفوة الله من بلاده، يسوق إليها خيرته من عباده. وعامة الصحابة اختاروا به المقام. وفتح دمشق بكر الإسلام. وما ينكر أن الله تعالى ذكر مصر، لكن ذلك خرج العيب له والذم. ألا ترى أن يوسف عليه السلام نقل منها إلى الشام. ثم المقام بالشام أقرب إلى الرباط، وأوجب للنشاط. وأين قطرب المقطم من سنا سنين وأين دار آصف لمن ذروة الشرف المنير، وأين لبانة لبنان من الهرمين وهل هما إلا مثل السلعتين وهل للنيل مع طول نيله وطول ذيله برد بردى في نقع العليل وما لذلك الكثير طلاوة هذا القليل.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»