تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٦ - الصفحة ١٠٩
الخنازير بين المسلمين، وتؤخذ أموال اليتامى وعدد من ذلك أشياء، حتى ذرفت عينا الملك، وأطرق حياء، ففهم الدهاة من كلامه طمعه في الملك.
ولما رأوا سكوت الملك وانخداعه له لم يتكلموا، فقال مالك بن وهيب: إن عندي نصيحة، إن قبلها الملك حمد عاقبتها، وإن تركها لم آمن عليه.
قال: وما هي قال: إني خائف عليك من هذا الرجل، وأرى أن تسجنه وأصحابه، وتنفق عليهم كل يوم دينارا،) وإلا أنفقت عليه خزائنك.
فوافقه الملك، فقال الوزير: أيها الملك، يقبح أن تبكي من موعظة هذا، ثم تسيء إليه في مجلس واحد.
وأن يظهر منك الخوف مع عظم ملكك، وهو رجل فقير لا يملك سد جوعه.
فأخذت الملك العزة، واستهون أمره وصرفه، وسأله الدعاء.
وقيل إنه لما خرج من عنده لم يزل وجهه تلقاء وجهه، إلى أن فارقه، فقيل له: نراك تأدبت مع الملك.
فقال: أردت أن لا يفارق وجهي الباطل حتى أغيره ما استطعت.
ولما خرج قال لأصحابه: لا مقام لنا بمراكش مع وجود ماله بن وهيب، فإنا نخاف مكره، وإنا لنا بأغمات أخا في الله فنقصده، فلم نعدم منه رأيا ودعاء.
وهو الفقيه عبد الحق بن إبراهيم المصمودي.
فسافروا إليه فأنزلهم، وبثوا إليه سرهم، وما جرى لهم، فقال: هذا الموضع لا يحميكم، وإن أحصن الأماكن المجاورة لهذا البلد تين مل، وهي مسيرة يوم في هذا الجبل، فانقطعوا فيه برهة ريثما ينسى ذكركم.
فلما سمع ابن تومرت بهذا الاسم تجدد له ذكر اسم الموضع الذي رآه في الكتاب فقصده مع أصحابه.
فلما أتوه رآهم أهل ذلك المكان على تلك الصورة فعلموا أنهم طلاب علم.
قال: فتلقوهم وأكرموهم وأنزلوهم.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»