تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٦ - الصفحة ١٠٨
قال: المشرق لطلب العلم.
قال: قد وجدت علما وشرفا وصحبني شلة.) ثم نظر في حليته فوافقت، وقال: ممن أنت قال: من كومية.
فربط الشاب، وألقى إليه سره.
وكان ابن تومرت قد صحبه عبد الله الونشريسي ممن تهذب وتفقه، وكان جميلا، فصيحا في العربية، فتحدثا يوما في كيفية الوصول إلى الأمر المطلوب، فقال لعبد الله: أرى أن تستر ما أنت عليه من العلم والفصاحة عن الناس، فتظهر من العي واللكن والجهل ما تشتهر به، لتجد الخروج عن ذلك، وإظهار العلم دفعة واحدة، فيكون ذلك معجزة.
ففعل ذلك.
ثم استدنى محمد أشخاصا أجلادا في القوى الجسمانية، أغمارا، فاجتمع له ستة، فتوجهوا إلى مراكش، وملكها علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ملكا حليما، عادلا، متواضعا، وكان بحضرته مالك بن وهيب الأندلسي الفقيه، فأخذ ابن تومرت في الإنكار، حتى أنكر على ابنة الملك، وذلك في قصة طويلة، فبلغ خبره الملك، وأنه يحدث في تغيير الدولة، فكلم مالك بن وهيب في أمره، وقال: نخاف من فتح باب يعسر علينا سده.
وكان محمد وأصحابه مقيمين في مسجد خراب بظاهر البلد، فأحضرهم في محفل من العلماء، فقال الملك: سلوا هذا ما يبغي.
فكلموه، وقال: ما الذي يذكر عنك من القول في حق الملك العادل الحليم المنقاد إلى الحق فقال: أما ما نقل عني، فقد قلته، ولي من ورائه أقوال، وأما قولك إنه يؤثر طاعة الله على هواه، وينقاد إلى الحق، فقد حضر اعتبار هذا القول عليه، ليعلم بتعريه عن هذه الصفة.
إنه مغرور بما تقولون له وتطرونه به، مع علمكم أن الحجة عليه متوجهة.
فهل بلغك يا قاضي أن الخمر تباع جهارا، وتمشي
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»